الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص181
والوجه الثاني : يرجع عليه بقيمة البعض الذي عتق منه بالصفة ولا يرجع عليه بقيمة ما عتق بالسراية لاختصاص العتق في الكتابة بالصفة دون السراية .
قال الماوردي : وأصل هذه المسألة أن عقد الكتابة لازم من جهة المكاتب فإن أراد السيد الفسخ ، لم يكن له ذلك إلا بالعجز كالبيع الذي لا يفسخ بعد لزومه إلا بعيب .
وإذا أراد المكاتب الفسخ لم يملكه ولكنه يملك الامتناع من الأداء حتى يستحق به السيد الفسخ .
وقال مالك وأبو حنيفة عقد الكتابة لازمة من جهة المكاتب كلزومها من جهة السيد ويجبر المكاتب على الأداء إذا وجد وفاء ، وإن لم يجد فقد اختلفا في إجباره على الكسب ، فقال مالك ، يجبر عليه .
وقال أبو حنيفة : لا يجبر عليه .
واستدلا على لزومه من جهة المكاتب بأمرين :
أحدهما : أن عقد المعاوضة إذا لزم من أحد طرفيه لزم من الطرف الآخر كالبيع .
والثاني : أن العوض إذا كان في مقابلة العتق لزم كما لو باع العبد على نفسه بألف لزمته الألف .
ودليلنا شيئان :
أحدهما : أن المال إذا لزم صح ضمانه ، وضمان مال الكتابة عن المكاتب لا يصح فدل على انه ليس بلازم .
والثاني : أن المال إذا كان في مقابلة العتق لم يلزمه بدله كما لو قال لعبده : إن دفعت إلي ألفا فأنت حر لم يلزمه دفع الألف وأما استدلالهم بلزوم الثمن في البيع ، فلأن جواز ضمانه دليل على لزومه ، وضمان مال الكتابة لا يصح فدل على عدم لزومه .
وأما استدلالهم ببيع العبد على نفسه .
فالجواب عنه ما ذكرناه من جواز ضمانه . والله أعلم بالصواب .