الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص46
خرج في الابتداء سهم المقوم بمائتين عتق ، وبقي بعده من الثلث ثلاثمائة فيخرج اسم آخر ، فإن خرج اسم المقوم بمائة عتق ، وبقي بعده من الثلث مائتان ، فيخرج اسم آخر ، فإن خرج اسم المقوم بخمسمائة عتق منه خمساه ، ورق ثلاثة أخماسه الاثنان الباقيان ، ثم على هذا القياس .
والقول الثاني : يجزأون ثلاثة أجزاء على القيمة دون العدد فيجعل المقوم بخمسمائة سهما ، ويجمع بين المقوم بأربعمائة ، والمقوم بمائة ، فيجعل سهما ثانيا ويجمع بين المقوم بثلاثمائة والمقوم بمائتين ، فيجعل سهماً ثالثا ، ثم يخرج على العتق ، فأي السهام خرج عتق من فيه ، وقد استكمل به الثلث ، ورق الباقون .
مثاله : أن يكونوا أربعة قيمة كل واحد منهم مائة ، فمجموع قيمهم أربعمائة ، ثلثها مائة وثلاثة وثلاثون وثلث ، فتكتب أسماؤهم في الرقاع بعددهم قولاً واحداً ، فإذا خرج اسم أحدهم عتق ، وأخرج اسم ثان فأعتق ثلثه ، ورق ثلثاه وجميع الآخرين ، ثم على هذا القياس . والله أعلم .
قال الماوردي : وهذه المسألة مصورة في عتق ودين يستوعبان التركة ، وهو أن يكون له عبيد لا يملك غيرهم ، وقد أعتقهم في مرض موته أو أوصى بعتقهم ، وعليه دين يستوعب قيمهم أو قيمة بعضهم ، فإن كان الدين مستوعباً لقيمهم ارتفع حكم العتق بالدين سواء أعتقهم في مرضه أو وصى بعتقهم بعد موته ، لأن العتق في المرض وبعده وصية تعتبر من الثلث ، والدين مقدم على الوصايا ، فلذلك بطل به حكم العتق ، كما بطل به حكم جميع الوصايا والمواريث ، وإن كان الدين غير مستوعب لقيمهم ارتفع حكم العتق فيما قابل قدر الدين ، وكان باقيا فيما عداه . والدين خارج من أصل التركة ، والعتق معتبر من ثلثها ، فتصور المسألة في أسهل أمثلتها ، ليكون مثالا لغيره ، وهو أن يكون له أربعة عبيد يعتقهم في مرضه ، ولا مال له غيرهم ، وقيمة كل عبد منهم مائة درهم ، ويموت ويظهر عليه مائة درهم دينا ، فلظهور الدين حالتان :
إحداهما : أن يظهر قبل تحرير العتق بالقرعة .
والثانية : بعد تحريره بها .