الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج18-ص36
رق ، ولا رقا إلى حرية ، ألا ترى لو عين العتق في اثنين منهم لم ينقل بالقرعة إلى غيرهم .
وإنما يقرع إذا أطلق العتق في الستة ، واستحق في اثنين منهم دخلت لتمييز ما يعتق ، ويرق .
والثاني : أن القرعة خارجة عن حكم الأزلام التي هي رجم بالغيب ، لأنهم كانوا يعتقدون في الأزلام أنها هي الآمرة ، وهي الناهية ، وكانوا يكتبون على أحدهما : أمرني ربي ، وعلى الآخر : نهاني ربي ، وآخر يجعلونه عقلا ، ويجرونها مجاري النجوم التي يعتقد المنجم أنها هي الفاعلة ، فنهى الله تعالى عنها ، ولم يرد الشرع بإباحة شيء منها .
والقرعة مميزة لحكم وجب بالشرع ، لأنها قد عمل بها الرسول ( ص ) في الشرع ، ووافق عليها في كثير من الأحكام ، فلم يجز أن تجعل القرعة التي ورد الشرع بها مجرى الأزلام التي نهى الشرع عنها .
والاستدلال الثاني : أن قالوا لو كانت القرعة دليلا لم تتناقض ، لأن أدلة الله لا تتناقض ، واستعمال القرعة موجب للتناقض ، لأنها لو أعيدت ثانية لخرجت بغير ما خرج به الأول ، فلم يجز أن تستعمل . والجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أنه لما لم يمنع هذا المعنى من دخول القرعة في قسمة الأملاك لم يمنع منها في العتق .
والثاني : أنه لا تناقض فيها ، لأنها لا تستعمل إلا مرة ، فكانت دليلا في الأول ، ولم تكن دليلا في الثاني فلم يدخلها إذا كانت دليلا تناقض وإن دخلها إذا لم تكن دليلا تناقض .
فأما النص : فوارد من طريقين اثنين :
أحدهما : عن عمران بن الحصين رواه الشافعي عن عبد الوهاب بن عبد الحميد عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن الحصين : أن رجلا من الأنصار أعتق عند موته ستة مملوكين ليس له مال غيرهم ، فبلغ ذلك رسول الله ( ص ) ، ‘ فقال قولا شديدا ثم دعاهم ، فجزأهم ثلاثة أجزاء ، فأقرع بينهم ، فأعتق اثنين ، وأرق أربعة ‘ . والطريق الثانية : عن أبي سعيد الخدري رواه حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري : أن رجلا أعتق ستة مملوكين عند موته ، فرفع ذلك إلى رسول الله ( ص ) ‘ فأقرع بينهم ، فأعتق اثنين ، ورد أربعة إلى الرق ‘ .