الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص383
اللون ، وكان زيد حب رسول الله ( ص ) يكره القدح فيه وفي أسامة ، فلما جمع مجززا المدلجي بينهما في النسب ، بقوله : ‘ هذه أقدام بعضها من بعض ‘ سر رسول الله ( ص ) بقوله لزوال القدح فيهما ، ممن كان يطعن في نسبهما فلو لم تكن القيافة حقا ، لما سر بها ، لأنه لا يسر بباطل ولرد ذلك عليه ، وإن أصاب ، لأن لا يأمن من الخطأ في غيره .
والثاني : أن الشرع مأخوذ عن الرسول ( ص ) من قوله وفعله ، وإقراره ، فكان إقراره لمجزز على حكمه شرعا من الرسول ( ص ) في جواز العمل به .
ويدل عليه ما روي . أن النبي ( ص ) خرج ذات يوم إلى الأبطح فرأى بعض قافة الأعراب . فقال : ما أشبه هذا القدم بقدم إبراهيم التي في الحجر ، فألحقه بالجد الأبعد ، وأقره على اقتفاء الأثر ، ولم ينكره فثبت اعتبار الشبه بالقافة شرعا . ويدل على اشتهاره في الإسلام ، أنه لما خرج رسول الله ( ص ) مع أبي بكر رضي الله عنه إلى غار ثور مختفيا فيه من قريش ، أخذت قريش قائفا يتبع به أقدام بني إبراهيم ، فيتتبعها حتى انتهى إلى الغار ثم انقطع الأثر فقال : إلى هاهنا انقطع أثر بني إبراهيم ، فلم يكن من الرسول ( ص ) فيه إنكار فثبت أنه شرع ويدل عليه أن النبي ( ص ) قد اعتبر لشبه في ولد العجلاني ، فقال : ‘ إن جاءت به على نعت كذا فلا أراه إلا وقد صدق عليها ، وإن جاءت به على نعت كذا فلا أراه إلا وقد كذب عليها ‘ ، فجاءت به على النعت المكروه . فقال النبي ( ص ) : ‘ لولا الأيمان ‘ وروي ‘ القرآن لكان لي ولها شأن ‘ . يعني في إلحاق الولد بالفراش ، ونفيه عن العاهر ، ولولا أن الشبه مع جواز الاشتراك حكم ، لأمسك عنه كيلا يقول باطلا فيتبع فيه وقد نزه الله تعالى رسوله ( ص ) عن قول الباطل كما نزهه عن فعله .
ويدل عليه ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إذا غلب ماء الرجل كان الشبه للأعمام وإذا غلب ماء المرأة كان الشبه للأخوال ‘ . فدل على أن للشبه تأثيرا فيما أشبه فقد كان بعض أصحابنا يستدل عليه بقول النبي ( ص ) : ‘ اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ‘ . فجعل للفراسة حكما ، ويدل عليه من طريق الإجماع اشتهاره في الصحابة ، رضي الله عنهم أنهم فعلوه ، وأقروا عليه ، ولم ينكروه ، حتى روي أن أنس بن مالك شك في ابن له ، فأراه القافة ، ولو كان هذا منكرا لما جاز منهم إقرارهم على منكر ، فصار كالإجماع ، وقد جرى في أشعارهم ما يدل على اعتبار القيافة عندهم ، . واشتهار صحتها بينهم ، حتى قال شاعرهم :