الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص341
والوجه الثاني : لا يقبض الدين ، وإن وجب قبض الأعيان ويستبقى في ذمة الغريم بخلاف المعين ، لأن قبضه للغائب معتبر بالأحوط ، واستبقاؤه في ذمة مضمونة أولى من قبضه بتركه أمانة إلا أن يكون الدين على غير ملي ، فيقبض وجها واحدا .
قال الماوردي : وقد مضى الكلام في البينة الكاملة إذا أقامها الابن الحاضر ووجوب الحكم بها للحاضر والغائب . فأما البينة الناقصة فعلى ضربين :
أحدهما : أن تشهد بالدار للميت ، ولا تشهد للحاضر بالبنوة ، فلا يتعلق بهذه الشهادة حق للحاضر ، ولا للغائب ، وتكون الدار مقرة في يدي من هي في يده ، لأن دعواها لم تسمع من مستحق لها فلم يكن لبينته تأثير ، حتى يقيم البينة على ثبوت نسبه .
فإذا أقامها وثبت نسبه بها ، استغنى عن إعادة الدعوى والبينة ، وإن كانا قبل ثبوت النسب ، لأن ما قدمه من الدعوى قد تضمنت الدار والنسب على وجه صح به سماعها ولو شهدت بينته الأولى بالدار والنسب ، حكم له بها كذلك ، إذا شهدت الأولى بالدار ، وشهدت الثانية بالنسب حكم بهما .
ولو استأنف الدعوى ، وأعاد البينة كان أولى .
والضرب الثاني : أن تشهد البينة بالدار للميت ، وتشهد للحاضر بالبنوة ، ولا تشهد أن لا وارث له غيره ، فقد قامت البينة بهما وكان مالكا لنصيب مجهول من الدار ، لا يعلم قدره . وله حالتان :
إحداهما : أن يقدر على إقامة بينة بأن لا وارث له غيره .
الثانية : أن يعجز .
فإن قدر على إقامتها ، وشهدت بينة عادلة ، بأن لا وارث غيره نظر في البينة . فإن كانت من أهل المعرفة الباطنة بالميت ، على قديم الوقت وحدوثه في حضره وسفره سمعت ، وحكم له بالميراث ، ولم يطالب بضمين ، لأنه قد أقام بينة إن لم يعمل بموجبها ، أعلمت .
وإن كانت من أهل المعرفة الظاهرة دون الباطنة لم تصح شهادتهم ، بأن لا وارث