الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص324
فإن حلف برىء من مطالبة الداعي ، وإن نكل أحلف المدعي ، وحكم له بقيمة الدار .
فإن قدم الغائب المقر له ، كان له منازعته في الدار ، وإن صار إلى قيمتها فإن أفضى النزاع إلى الحكم بالدار للغائب . استقر ملك المدعي على القيمة وإن أفضى إلى الحكم بالدار للمدعي أخذ برد القيمة على صاحب اليد ، لئلا يجمع بين ملك الدار وقيمتها .
وإن كان لمدعي الدار بينة ، عند الإقرار بها للغائب سمعت بينته ، وقضى له بالدار .
واختلف أصحابنا هل يكون ذلك قضاء على الغائب المقر له ، أو قضاء على صاحب اليد له ، على وجهين :
أحدهما : أنه قضاء على الغائب المقر له فعلى هذا لا يحكم للمدعي بالبينة ، حتى يحلف معها لأن القضاء على الغائب يوجب إحلاف المدعي مع بينته ، لجواز أن يدعي الغائب انتقالها إليه ببيع أو هبة ، فيحلف بالله إن ما شهدت به شهود الحق ، وإنها لباقية على ملكه ، ويكون حلفه لصدق شهوده تبعا لحلفه ببقائها على ملكه ، ولولا ذاك لما حلف بصدق الشهود ، لأنه لا يلزمه إحلافه على صدقهم ولم يختلف قول الشافعي في جواز القضاء على الغائب ، وإن وهم المزني في كلامه أن قوله قد اختلف فيه ، وهو وهم منه .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنه قضاء على صاحب اليد الحاضر ، دون الغائب ، وهو الظاهر من كلام الشافعي ، لأنه قال : قضى له على الذي هي في يديه ، وإنما كان قضاء على الحاضر ، لأن الدعوى توجهت إليه ، فتوجه القضاء عليه .
فعلى هذا يحكم بالدار للمدعي ببينته دون يمينه ، ونسب المروزي المزني إلى الغلط في هذا الموضع من وجهين :
أحدهما : أنه جعل ذلك قضاء على الغائب ، وهو قضاء على الحاضر .
والثاني : أنه وهم في تخريج القضاء على الغائب على قولين ، ولعمري أنه وهم فيما أوهم من القولين ، وهو فيما رآه من القضاء على الغائب محتمل ، فإذا قدم الغائب ، بعد الحكم بالدار للمدعي واعترف بها ونازع فيها وجرى عليه حكم منازع ذي يد ، لأنها انتزعت من يد منسوبة إليه ، واختار الشافعي للحاكم ، إذا حكم بالدار