الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص311
تزوجت بهذه المرأة ، أو ادعى النكاح فقال هذه زوجتي ، وتصح الدعوى ، وإن لم يصف العقد ، وهذا قول أبي العباس بن سريج وبه قال أبو حنيفة ومالك لأمرين :
أحدهما : أنه لما لم يلزم في دعوى البيع صفة العقد ، وإن اعتبرت فيه شروط ، اختلف فيها لم يلزم صفة النكاح لأجل شروطه ، واختلاف الناس فيها .
والثاني : أنه قد يعتبر في صحة النكاح وجود شرائط كالولي ، والشاهدين ، ورضا المنكوحة ، وعدم شروط كعدم العدة ، والردة ، والإحرام ، فلما لم يعتبر في دعوى النكاح ، الشروط المعدومة لم تعتبر الشروط الموجودة .
والوجه الثاني : وهو ظاهر مذهبه ، وعليه قول الأكثرين من أصحابه أنه محمول على الوجوب ، وأن الشروط المعتبر وجودها في صحة النكاح ، شرط في صحة دعواه ، سواء توجهت الدعوى إلى العقد أو إلى الزوجية ، واختلف على هذا في سبب اختصاصه في الدعوى بصفة العقد ، فقال أبو علي بن أبي هريرة لأن النبي ( ص ) خصه من سائر العقود بأن قال : ‘ لا نكاح إلا بولي وشاهدين ‘ ، ولولا هذا التخصيص لكان كغيره ، وعلل أبو إسحاق المروزي بأن الفروج موضوعة على الحظر ، والتغليظ فلم يجز استباحتها بدعوى محتملة ، حتى ينفي عنها الاحتمال به لصفة .
وعلل أبو حامد المروزي بأن في استباحة الزوج إتلافا لا يستدرك ومأثما لا يرتفع بالإباحة ، فأشبه دعوى القتل ، وخالف ما سواه من عقود الأملاك .
وعلل آخرون بأن الإطلاق في عقود النكاح أكثر ، وما يطلق على اسم النكاح من فاسد العقود أقل ، وفرقوا بين شروط الوجود ، وشروط العدم وأن الشروط المعدومة أصل في العدم ، فحملت على ظاهر العدم وليس لشروط الوجود أصل في الوجود فلم يحمل على ظاهر الوجود .
والوجه الثالث : إن كانت الدعوى ، في عقد النكاح ، فقال تزوجت هذه المرأة ، كانت شروط العقد معتبرة في صحة الدعوى وإن اقتصرت الدعوى على النكاح الأول ، دون العقد فقال هذه زوجتي ، لم يعتبر شروطا للعقد في صحة الدعوى ، لأن الاستدامة أخف حكما من الابتداء ، لأن الشهادة على عقد البيع ، والنكاح بالخبر الشائع لا