الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص296
والثالث : أن يذكر ما استضر به ، لأن مقصود الدعوى ليكون الكف عنه متوجها إليه ، فإن اقترن بهذه الشروط ما يكمل به جميع الدعاوى ، سأل الحاكم المدعى عليه ، وله في الجواب ، عن دعوى هذه المعارضة ، ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يعترف بجميع ما تضمنها فيمنعه الحاكم من معارضته .
والحال الثانية : أن ينكر المعارضة فيخلي سبيله ، فلا يمين عليه لأن لا يتعلق بالمعارضة استحقاق غرم .
والحال الثالثة : أن يذكر أنه يعارضه فيه بحق يصفه ، فيصير مدعيا بعد أن كان مدعى عليه ، ويصير المدعي مدعى عليه ، بعد أن كان مدعيا . فهذا الكلام في صحة الدعوى ، وإن تضمنت ضروبا أغفلناها اقتصارا وتعويلا بها على اعتبار ما بيناه .
أحدها : ما عاد فساده إلى المدعي .
والثاني : ما عاد فساده إلى الشيء المدعى .
والثالث : ما عاد فساده إلى سبب الدعوى .
فأما الضرب الأول في عود فساده إلى المدعي ، فكمسلم ادعى نكاح مجوسية أو حر واجد الطول ادعى نكاح أمة ، فهذه دعوى فاسدة ، لأن المسلم لا يجوز له أن ينكح مجوسية ، والواجد الطول لا يجوز أن ينكح أمة ، فبطلت دعواه لامتناع مقصودها في حقه ، فلم يكن للحاكم أن يسمعها منه .
وأما الضرب الثاني : فيما عاد فساده إلى الشيء المدعى ، فعلى ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يدعي ما لا تقر عليه يد كالخمر ، ولحم الخنزير ، والسباع الضارية ، والحشرات المؤذية ، . فدعواه فاسدة ، لوجوب رفع اليد عنها في حقوق المسلمين فلم يكن للحاكم ، أن يسمعها من كافة الناس .
والضرب الثاني : أن يدعي ما تقر عليه اليد ، ولا تصح العارضة عنه كجلود الميتة ، والسراجين ، والسماد ، والنجس ، والكلاب المعلمة ، تقر عليها اليد للانتفاع بجلود الميتة ، إذا دبغت ، وبالسماد ، والسراجين في الزروع ، والشجر ، والكلاب في الصيد ، والمواشي ، واختلف في اليد عليها إذا كانت الجلود من أموات حيوان ، والسراجين من أرواث بهائمه ، هل تكون يد ملك أو يد انتفاع ؟ على ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها يد انتفاع لا يد ملك لخروجها عن معارضة الأملاك .
والوجه الثاني : أنها يد ملك لأنه أحق بها كسائر الأموال .