الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص230
فلا يصح هذا الأداء ، ولا يحكم بهذه الشهادة ، لأن الحكم بها معتبر بعدالة شهود الفرع وشهود الأصل ، ولا يعرف عدالة من لم يسم .
ويجوز على قياس قول أبي حنيفة في قبول الخبر المرسل أن تقبل هذه الشهادة فإن التزم جرى على القياس ، وإن خالف فيه ناقض .
ونحن نجري على القياس في ردهما .
فيسمع الحاكم شهادتهما ويكشف عن عدالة شاهد الأصل من غيرهما .
وحكي عن عبيد الله بن الحسن العنبري وسفيان الثوري وأبي يوسف أن الحاكم لا يسمع هذه الشهادة حتى يعدل شهود الفرع شاهد الأصل ، فإن عدله غيرهما لم يحكم بشهادتهما .
وهو مذهب مالك : لأن ترك تزكية شاهدي الفرع لشاهد الأصل ريبة : والشهادة مع الاسترابة مردودة .
وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أن التزكية لا يعين فيها المزكي ، وقد عينوها .
والثاني : أن الشهادة كالخبر ، ولما كان ناقل الخبر عن راويه يجوز تزكيته من غير ناقله ، كذلك الشهادة يجوز فيها تزكية شاهدي الأصل من غير شهود الفرع .
فلا يحكم بشهادتهما حتى يسمياه .
وحكي عن محمد بن جرير الطبري أنه قال : يجوز الحكم بها إذا زكى شاهد الأصل ولم يسميه ، لأن العدالة هي المعتبرة دون الاسم .
وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أنه قد يجوز أن يكون عدلا عندهما فاسقا عند غيرهما ، فصار مجهول الحال بإغفال تسميته .