الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص227
فإن شهد شاهدان في الفرع عن شاهد واحد في الأصل ، وأراد صاحب الحق أن يحلف معها جاز ، لأنه قد يثبت بهما شهادة الواحد ، فجاز أن يحلف معه ، لأن له أن يحلف مع الشاهد الواحد ، لأن يمينه لإثبات حقه وليست لإثبات الشهادة والله أعلم .
قال الماوردي : هذا مما قد مضى فيه الفصول الأربعة ، لأن الشهادة على الشهادة تكون من أحد ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يذكر شاهد الأصل في شهادته السبب الموجب للحق أن لفلان على فلان ألف درهم من ثمن مبيع أو أجرة أرض أو قرض . فيصح أن يتحمله شاهد الأصل من غير استرعاء ، وفيه لبعض البصريين وجه آخر أنه لا يصح التحمل إلا بالاسترعاء .
والوجه الثاني : أن يشهد شاهد الأصل عند الحاكم بالحق فإذا سمعه شاهد الفرع صح تحمله وإن لم يسترعه .
والوجه الثالث : أن يشهد شاهد الأصل عند شاهدي الفرع ، أو سماعهما من غير قصد الشهادة يقولان ‘ نشهد أن لفلان على فلان ألف درهم ‘ ، ولم يذكرا سبب وجوبها ، لم يصح تحمل شاهدي الفرع إلا بالاسترعاء . لأنه يحتمل أن تكون عليه ألف درهم وعده بها ، فإذا استرعاهما إياها لم يفعل إلا وهي واجبة .
وهذا صحيح ، لأن الاسترعاء وثيقة ، والوثائق تستعمل في الواجبات ، فصار الاحتمال بالاسترعاء منتفيا .
فأما تحمل الإقرار ، ففي اعتبار الاسترعاء ما قدمناه من الوجهين :
أحدهما : يعتبر فيه كما تعتبر في تحمل الشهادة على الشهادة لما فيها من الاحتمال .
والوجه الثاني : لا يعتبر الاسترعاء في الإقرار ، وإن كان معتبرا في الشهادة ، لأن الإقرار أوكد من الشهادة ، ولذلك لو رجع المقر لم يقبل رجوعه ولو رجع الشاهد قبل رجوعه .