الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص223
وإن تجرد الإقرار عما يدل على الوجوب من قول أو أمارة ، افتقر إلى الاسترعاء ولم يصح تحمل الشهادة على إطلاقه .
فإن أراد الشاهد أن يشهد بهذا الإقرار عند الحاكم ، لزمه أن يذكر في شهادته صفة الإقرار . فإن كان بالاسترعاء قال في شهادته : أشهد أنه أقر عندي وأشهدني على نفسه ، فإن لم يقل : أشهد ، وقال : أقر عندي ، وأشهدني على نفسه كان إخبارا ولم تكن شهادة .
فلم يجز للحاكم أن يحكم بها حتى يقول : أشهد أنه أقر عندي وأشهدني على نفسه ، لأن الحكم يكون بالشهادة دون الخبر .
وإن كان الشاهد قد حضر المقر وأقر عنده من غير استرعاء قال في شهادته : ‘ أشهد إنه أقر عندي بكذا ‘ ولا يقول : ‘ وأشهدني على نفسه ‘ ، ليجتهد الحاكم رأيه في صحة هذا التحمل وفساده .
وإن كان الشاهد قد سمع إقرار المقر من غير حضور عنده قال في شهادته : ‘ أشهد إني سمعته يقر بكذا ‘ ولا يقول أقر ‘ عندي ‘ ليكون الحاكم هو المجتهد دون الشاهد .
فإن أراد الشاهد أن يجتهد رأيه في صحة هذا التحمل وفساده نظر :
فإن أراد الشاهد أن يجتهد رأيه في صحة الإقرار وفساده لم يجز ، وكان الحاكم أحق بهذا الاجتهاد .
وإن أراد أن يجتهد رأيه في لزوم الأداء وسقوطه عنه ففيه وجهان :
أحدهما : يجوز لاختصاصه بوجوب الأداء .
والوجه الثاني : لا يجوز ، لأن في الإقرار حقا لغيره .
فأما تحمله فمعتبر في شاهد الأصل وله في تحمل شاهد الفرع عنه ثلاثة أحوال :
أحدهما : أن يذكر شاهد الأصل السبب الموجب للحق بلفظ الشهادة ، فيقول : أشهد إن لفلان على فلان ألفا من ثمن أو غصب أو صداق ، فإذا سمعه شاهد الفرع صح تحمله للشهادة عنه وإن لم يسترعه إياها ، وفيه لبعض أصحابنا البصريين وجه آخر