الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص215
وحكي أن أحمد لزمته شهادة فدعي إلى أدائها عند بعض الحكام فامتنع .
وقال : إن القاضي ليس برضى ، فقال الداعي : يتلف علي مالي .
فقال أحمد : ما أتلفت عليك مالك ، الذي ولى هذا القاضي أتلف عليك مالك .
وليس لهذا القول وجه ؛ لأن المقصود بالشهادة وصول ذي الحق إلى حقه ، فلم يفترق في وصوله إليه حقه بين صحة التقليد وفساده .
فإن دعي الشاهد إلى أداء شهادة عند أمير أو ذي يد ، فإن كان ممن يجوز له إلزام الحقوق والإجبار عليها ، لزم أداء الشهادة عنده ، وإن كان ممن لا يجوز له ذلك ، ولا يصح منه ، لم يلزمه أداؤها عنده والله أعلم .
قال الماوردي : وصورتها في رجل ادعى دينا على ميت وورثه ابنان له فصدقه أحدهما وكذبه الآخر ، فالمصدق مقر والمكذب منكر وللمقر حالتان :
إحداهما : أن يكون عدلا ، فيجوز أن يشهد للمدعي بدينه في حق أخيه المنكر مع شاهد آخر أو مع يمين المدعي ، ولا يكون الإقرار شهادة حتى يستأنفها بلفظ الشهادة ، لأن لفظ الإقرار لا يكون شهادة ، وشهادته تكون على أبيه دون أخيه لوجوب الدين على الأب .
ومنع الحسن بن زياد اللؤلؤي من قبول شهادته لما يتوجه إليه من التهمة في استدراك إقراره .
ومذهب الشافعي وأبي حنيفة ، وجمهور الفقهاء أن شهادته مقبولة ، لأنها موافقة لإقراره فانتفت التهمة عنه ، فلم تمنع من الشهادة على أبيه وإن منع من الشهادة له .
فإذا صحت الشهادة استحق صاحب الدين جميع دينه من أصل التركة نصفه يستحقه بالإقرار في حق المصدق ، ونصفه يستحقه بالشهادة في حق المنكر .
والحال الثانية : أن يكون المقر غير عدل ، أو يكون عدلا لم تكمل به الشهادة