الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص211
وأما الخبر الأول وهو ‘ ولد الزنا شر الثلاثة ‘ فهو من مناكير الأخبار وما رواه إلا مضعوف غير مقبول الحديث ، ونص القرآن يمنع منه . ولو سلمت الرواية لكان لاستعماله وجوها :
أحدها : أنه شر الثلاثة نسبا .
والثاني : شر الثلاثة إذا كان زانيا .
والثالث : أنه كان واحدا من ثلاثة ، فأشير إليه أنه شرهم ، فكان ذلك للزنى تعريفا لا تعليلا .
والرابع : ما ذكر أن أبا عزة الجمحي كان يهجو رسول الله ( ص ) ويقدح فيه بالعظائم فذكر عند النبي ( ص ) ما يقوله وقيل له : إنه ولد زنية . فقال عليه السلام : ‘ ولد الزنى شر الثلاثة ‘ يعني به أبا عزة .
وأما الخبر الثاني : فهو أوهى من الأول ، وأضعف وأبعد أن يكون له في الاحتمال وجه ، لأنه لا يجوز أن يحبط طاعته معصية غيره ، والكفر أعظم من الزنى ، ولا يحبط عمل المؤمن بكفر أبويه ، فكان أولى أن لا يحبط عمله بزنى والديه والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا أراد به مالكا ، فإنه يقول : من حد في معصية لم تقبل شهادته فيما حد فيه ، وقبلت في غيره ، فلا تقبل شهادة المحدود في الزنا إذا شهد بالزنا ، ولا المحدود في الخمر إذا شهد في الخمر ، ولا المقطوع في السرقة إذا شهد بالسرقة .
استدلالا بأنها استرابة يقتضي الدفع عن الشهادة ، لقوله تعالى : ( ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا ) [ البقرة : 282 ] .
وبقول عمر رضي الله عنه في عهده لأبي موسى الأشعري : المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد أو مجربا عليه شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو نسب .
وتعلقا بما روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال : ود السارق أن يكون الناس سراقا وود الزاني أن يكون الناس زناة ، وإنما كان كذلك لينفي المعرة عن نفسه بمشاركة غيره .