الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص133
المطالبة ، وإن طالب بها قيل للمدعى عليه : أتحلف ؟ فإن حلف سقطت الدعوى وإن نكل لم يسأل عن سبب النكول إلا أن يبتدىء ، فيقول : أنا متوقف عن اليمين ، لأنظر في حسابي ، وأستثبت حقيقة أمري ، فينظر ما قل من الزمان ، ولا يبلغ إنظاره ثلاثة أيام .
وإن لم يبتدىء بذكر السبب الموجب لتوقفه حكم بنكوله ، ولم يقض عليه بالدعوى حتى يحلف المدعي على استحقاقها .
وحكم عليه أبو حنيفة بالحق إذا نكل . والكلام معه يأتي .
قال الشافعي : لأن نكول المدعى عليه عن اليمين ليس بإقرار منه بالحق ، ولا بحجة للمدعي ، فلا أقضي عليه ، فإن بذل اليمين ، بعد نكوله لم تقبل منه ، لسقوط حقه منها بالنكول . وسواء كان بعد رد اليمين على المدعي أو قبله .
فإذا حلف المدعي صار بيمينه مع نكول المدعى عليه أقوى منه ، فقضى بحقه عليه ، واختلف هل تكون يمينه مع النكول قائمة مقام الإقرار أو مقام البينة على قولين فذكرهما من بعد . وإن توقف المدعي عن اليمين لم يحكم بنكوله حتى يسأل عن سبب توقفه ، فإن ذكر أنه متوقف عن اليمين ، ليرجع إلى حسابه ، ويستظهر لنفسه أنظر بها ، وكان على حقه من اليمين ، ولم تضيق عليه المدة .
ولو تركها تارك بخلاف المدعى عليه إذا استنظر ، لأن يمين المدعي حق له ، ويمين المدعى عليه حق عليه .
فإن لم يذكر المدعي في توقفه عن اليمين عذرا إلا أنه لا يختار أن يحلف ، حكم بنكوله ، وسقوط دعواه .
فإن دعا إلى اليمين بعد نكوله عنها لم يستحلف بعد الحكم بنكوله ، وقيل : لك أن تستأنف الدعوى ، فتصير كالمبتدىء بها ، ويكون للمدعى عليه أن يحلف إذا أنكرها ؛ لأنها غير الدعوى التي حكم بنكوله فيها ، فإن حلف برىء وسقطت الدعوى ، وإن نكل ردت على المدعي ، فإذا حلف حكم له بالدعوى .
فإن قيل : فلم سألتم المدعي عن سبب نكوله ، ولم تسألوا المدعى عليه عن سبب نكوله ؟ قيل : لأن نكول المدعى عليه قد أوجب حقا للمدعي في رد اليمين عليه ، فلم يجز أن يتعرض الحاكم لإسقاطه بسؤال المدعى عليه ، ويمين المدعي مقصورة على حق نفسه ، لا يتعلق بها حق لغيره ، فجاز أن يسأل عن سبب امتناعه منها .