الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص118
في إثبات أو نفي اشتمل شرطها المعتبر في إجزائها وانبرام الحكم بها على فصلين :
أحدهما : شرطها في العلم والبت .
والثاني : شرطها في الإثبات والنفي .
فأما الفصل الأول ، وهو شرطها في الحلف بها على العلم والبت ، فاليمين على ضربين :
أحدهما : أن تكون على إثبات .
والثاني : أن تكون على نفي .
فإن كانت على إثبات ، فهي على البت والقطع ، سواء أثبت بها الحالف ما حدث عن فعله أو ما حدث عن فعل غيره .
والحادث عن فعله أن يقول قطعا باتا : والله لقد بعتك داري أو اشتريت دارك أو أجرتك عبدي ، أو استأجرت عبدك ، أو أقرضتك ألفا ، أو اقترضت مني ألفا سواء أضاف ذلك إلى نفسه أو إلى خصمه ، لأنه بها تم ، فصار حادثا عن فعله .
وأما الحادث عن فعل غيره ، فهو أن يقول : والله لقد اشترى منك أبي دارك ، أو اشتريت من أبي داره ، أو لقد استأجر منك أبي عبدك ، أو استأجرت من أبي عبده ، أو لقد أقرضك أبي ألفا ، أو لقد اقترضت من أبي ألفا ، فتكون يمين الإثبات لفعله ، وفعل غيره على البت ، والقطع في الحالتين معا ، لأنه على إحاطة علم بفعله ، وما ادعى فعل غيره إلا بعد إحاطته بفعله .
أحدها : وهو مذهب ابن أبي ليلى : أنها على البت كالإثبات سواء كانت على نفي فعل نفسه أو فعل غيره .
والثاني : وهو مذهب الشعبي والنخعي : أنها على العلم سواء كانت على نفي فعل نفسه أو فعل غيره .
والثالث : وهو مذهب الشافعي وأكثر الفقهاء : أنها إن كانت اليمين على نفي فعل نفسه ، فهي على البت ، فيقول : والله ما فعلت ، ولا بعت ، ولا أجرت ، ولا نكحت ، ولا طلقت . وإن كانت على نفي فعل غيره ، فهي على العلم دون البت ، فيقول : والله لا أعلم أن أبي باعك ، ولا أعلم أنه آجرك ، ولا أعلم أنه اقترض منك ، ولا أعلم أنه وصى لك ، لأنه على إحاطة علم بما نفاه عن نفسه ، فكانت يمينه فيه قطعا على البت