الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص105
والرابع : أنه ألزمهم الدية ، لما حلفوا ، فقالوا : ما وفت أموالنا أيماننا ، ولا أيماننا أموالنا ، فقال : حقنتم بأيمانكم دماءكم ، فصرح بأنهم لو لم يحلفوا أقيدوا ، وهم لا يرون القود ، فلا بكل قول عمر أخذوا ، ولا لجميعه ردوا ، فإن كان قوله حجة فيما أخذوه كان حجة فيما ردوه ، وإن لم يكن حجة فيما ردوه ، فليس بحجة فيما أخذوه .
والوجه الثالث : أن قال لهم : عملتم بقول عمر في القسامة بما يخالف الأصول ، ولم تعملوا بقول الرسول ( ص ) في الشاهد واليمين وهو غير مخالف للأصول ، وهو حجة تدفع قول عمر ، وليس قول عمر حجة تدفع قول الرسول ( ص ) ، وما خالف الأصول ممتنع ، وما لم يخالفها فتبع ، فعملوا بخلاف ما أوجبه الشرع ، وردوا ما ورد به الشرع .
الأول : أن قال : سمعت من أرضى بقوله : ‘ من غير قبيلتكم من المسلمين ‘ ولئن تردد التأويل بين احتمالين من غير أهل دينكم ، ومن غير أهل قبلتكم فحمله على غير أهل القبيلة ، لموافقة النص أولى من حمله على غير أهل الدين لمخالفة النص مع قوله : ( تحبسونهما من بعد الصلاة ) [ المائدة : 106 ] .
والثاني : أنها نزلت في العرب ، وكفارهم مشركون لا يقبل أبو حنيفة شهادتهم ، وإنما يقبل شهادة أهل الذمة والكتاب .
والثالث : أنها نزلت في وصية مسلم ، وأبو حنيفة لا يجيز شهادة أهل الكتاب لمسلم ، ولا عليه ، وإنما يجيزها لبعضهم على بعض ، فإنه منع منها في المسلم مع مجيء القرآن بها ، لأنها منسوخة عنده ، ورد شهادة أهل الشرك عموما ، وفي أهل الكتاب لمسلم ، وعلى مسلم .
فاعترض عليه الشافعي ، فقال : ‘ بماذا نسخت ‘ ؟ ، فقال : بقول الله تعالى : ( ممن ترضون من الشهداء ) [ البقرة : 282 ] ، فأجابه الشافعي عنه ، فقال : زعمت بلسانك