پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص104

المفضي إلى النسخ ، فأورد عليهم شهادة المرأة الواحدة في الاستهلال عند التنازع فيه وليست المرأة الواحدة ببينة ، ولا لها في النص ذكر ، والشاهد واليمين أقوى منها ، فكيف رددتم الأقوى ، وأجزتم الأضعف ؟ ، وجعلتم الأقوى زائدا على النص المفضي إلى النسخ ، ولم تجعلوا ذلك في الأضعف ؟ هل هو إلا تناقض في القول وإبطال لمعنى النص في شهادة النساء بقوله تعالى : ( أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) [ البقرة : 282 ] ، فاقتصروا على المرأة الواحدة ، وإن لم تذكر إحداهما الأخرى .

والثاني : أن قال لمعتقد مذهب أبي حنيفة : كيف حكمت على أهل محلة ، وعلى عواقلهم بدية الموجود قتيلا في محلتهم في ثلاث سنين ؟ وزعمت أن القرآن يحرم أن يجوز أقل من شاهد وامرأتين وزعمت أن سنة رسول الله ( ص ) تدل على أن اليمين براءة لمن حلف ، فخالفت في جملة قولك الكتاب والسنة ؟ وأراد الشافعي بهذا الرد عليهم في أمرين :

أحدهما : أنهم أجازوا في القسامة ما تمنع منه الأصول بغير أصل ، وردوا اليمين مع الشاهد ، وهو غير مخالف للأصول ، وله فيه أصل .

والثاني : أن السنة تدل على أن اليمين مبرئة ، وهم جعلوها ، ملزمة ، فعلقوا عليها ضد موجبها ، وليس يتعلق على الشاهد واليمين ضد موجبه ، فأجابوه عن اعتراضه عليهم بهذين الأمرين بأن قالوا : روينا هذا عن عمر ، فأتبعناه ، وكان أصلا فيه ، فرد الشافعي عليهم هذا من ثلاثة أوجه :

أحدها : قال : إن عمر لا يستجيز أن يخالف الكتاب والسنة ، وقوله في نفسه : ‘ البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه ‘ ، وقد جعلوه بهذا مخالفا للكتاب والسنة ، وقول نفسه . ورددتم اليمين مع الشاهد ، وفيه سنة لا تخالف الكتاب ، ولا السنة .

والوجه الثاني : أن قال : قد روي عن عمر ما لم يعملوا به ، وخالفتموه في أربعة أحكام :

أحدها : أنه جلبهم إلى مكة من مسيرة اثنين وعشرين يوما ، وهم لا يرون نقل الخصم من بلده إلى غير بلده .

والثاني : أنه أحلفهم في الحجر ، تغليظا بالمكان ، وهم لا يرون تغليظ الأيمان بالمكان .

والثالث : أنه اختار من أهل الحجر خمسين رجلا أحلفهم ، وهم يجعلون الخيار لولي الدم دون الوالي .