الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص102
الأموال دون غيرها ، بأنه لو أقام مقام الشاهدين في الأموال ، لقام مقامهما في غير الأموال ، فأجاب الشافعي عن هذا ، وإن كنا قد قدمنا من دلائل إثباته ، ونفيه وما أوضح به الشافعي حجاجه ، وأبطل به قول من رد عليه ، فيحسن توضيحه ، وإن تقدم ما أغنى عنه ، فقال الشافعي لمن عارضه بهذا الرد : ‘ أنا وإن أعطيت بها ‘ ، يعني : باليمين مع الشاهد ما أعطى بشاهدين ‘ فليس معناها معنى شاهد ‘ يعني فليس معناها في كل موضع معنى شاهد ، وإن كان معناها في هذا الموضع معنى شاهد ثم بين له الشافعي فساد اعتراضه ، فقال : ‘ وأنت تبرىء المدعي عليه بشاهدين ، وبيمينه إن لم تكن له بينة ، وتعطي المدعي حقه بنكول صاحبه كما تعطي بالشاهدين ، أفمعنى ذلك معنى شاهدين ؟ ‘ يعني أن المدعى عليه يبرأ بيمينه كما يبرأ بشاهدين ، وإن لم تكن اليمين في كل موضع كالشاهدين ، وأنه يحكم للمدعي بنكول صاحبه كما يحكم له بشاهدين ، وإن لم يكن النكول في كل موضع كالشاهدين صح ، وأن الحكم بالشاهد والمرأتين في موضع لا يوجب الحكم بهم في كل موضع ، كذلك الحكم باليمين مع الشاهد في موضع لا يوجب الحكم به في كل موضع ، وهذا جواب مقنع .
يريد المعترض بهذا الفصل أن اليمين تكون فيما يقطع الحالف بصحته ، وأنتم تحلفونه مع شاهده فيما لا يقطع بصحته من وصية ميت له وفي دين أبيه إذا مات عنه ، وهو صغير ، وهو لا يقطع بصحة الوصية ، ولا باستحقاق الدين ؟ .
فأجاب الشافعي عن هذا الاعتراض برده من وجهين :
أحدهما : أنه قال للمعترض : ‘ وأنت تجيز أن يشهد أن فلان ابن فلان ، وأبوه غائب لم ير أباه قط ‘ ، يعني في الشاهد يشهد له بالنسب أو في الولد يحلف على نسبه ، وإن لم ير أباه ، ولا سبيل لهما إلى القطع بصحة النسب ، فلم يمتنع مثل ذلك في اليمين مع الشاهد ، لأن للحالف طريقا إلى العلم به من وجه يقع في نفسه صدقه إما من أخبار تواتر القطع بها ، وإما أخبار آحاد يقع في النفس صدقها .
والثاني : أن قال للمعترض : ‘ وأنت تحلف ابن خمس عشرة سنة مشرقيا اشترى عبدا ابن مائة سنة مغربيا ولد قبل جده ، فباعه ، فآبق ، أنك تحلفه ، لقد باعه بريئا من الإباق على البت ، فأجابه المخالف بأن قال : ‘ ما يجد الناس بدا من هذا ‘ ، وهذا اعتذار من يضيق عليه الانفصال ، وليس بجواب .