الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص93
أحدهما : ينتقل إليهم ، وإن كان الترتيب مستحقا للضرورة الداعية إلى حفظ الوقف على البطون الآتية .
والوجه الثاني : لا ينتقل إلى البطن الثاني ما كان الأخوان الناكلان باقيين اعتبارا بشرط الوقف في ترتيب البطون .
فعلى هذا في مصرفه إلى انقراض البطن الأول وجهان :
أحدهما : إلى الفقراء والمساكين ، حتى ينقرض البطن الأول ، فيرد على البطن الثاني بعد أيمانهم .
والوجه الثاني : يصرف إلى أقرب الناس بالواقف ، ويكون الأخوان الناكلان وهما من أقرب الناس به ومن في درجتهما من الأقارب فيه سواء .
فإذا مات الأخوان انتقل جميع هذا النصيب إلى البطن الثاني بعد أيمانهم ، لإفضاء الوقف إليهم بعد انقراض البطن الأول .
فإن كان على الواقف دين يحيط بالوقف ، فإن قضوه من أموالهم خلص الوقف لهم ، وإن لم يقضوه لم يكن لهم بإسقاط الديون بغير بينة ، ونظر :
فإن كان الواقف في المرض بطل ، لأنه وصية تبطل باستغراق الديون ، ولا يكون لبينتهم تأثير ، وإن كان في الصحة سمعت بينتهم ، وثبت الوقف بالشاهد واليمين على قول من يراه ؛ لأنها عطية في الصحة ، فلم ترد بالديون ، وإن عدمت البينة حلف أرباب الديون على إبطال الوقف ، فكان مصروفا في ديونهم ، فإن نكلوا عن الأيمان ردت على الورثة ، فإن حلفوا ثبت الوقف ، وإن نكلوا صرفه في أرباب الديون .
ولو كانت الدار التي أقروا بوقفها مغصوبة في يد أجنبي قضى لهم على الغاصب بالشاهد واليمين قولا واحدا ، لأن الغصب يستحق بالشاهد واليمين ، والغصوب تتوجه إلى الوقف كما تتوجه إلى الملك المطلق ، فإذا أزيلت يد الغاصب عنه كان على ما ذكرناه لو لم يكن مغصوبا .