پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص91

وصاياه ما احتمله الثلث ، وإن لم تكن ديون ولا وصايا كانت ميراثا بين جميع الورثة يملك هو لا الإخوة الثلاثة ميراثهم منها ، وتصير وقفا بإقرارهم لأن ما ادعوه من وقفها مقبول في حقهم وغير مقبول في حق غيرهم .

فإذا انقرض الإخوة الثلاثة انتقل الوقف إلى البطن الثاني بغير يمين ، لأنه قد صار وقفا على البطن الأول بغير يمين ، فصار البطن الثاني بمثابته ، وكذلك من بعدهم من البطون ، وكان بقية الدار ملكا مطلقا لبقية الورثة ، فإن مات الباقون من الورثة عن نصيبهم منها ، وعاد ميراثهم إلى الإخوة الثلاثة صار جميع الدار وقفا بإقرارهم ، لأنهم ملكوا جميعا ، وإن ورثهم غيرهم ، وعاد الإخوة ، فادعوا وقف بقيتها عليهم بعد انبرام الحكم مع من تقدمهم ، فإن ادعوا عليهم بوقفها صحت الدعوى عليهم ، لأنهم لو اعترفوا بوقفها صار حقهم وقفا ، وإن لم يدعوا عليهم لم تصح الدعوى عليهم ، لأن انبرام الحكم مع تقدمهم قد أسقط دعواهم .

فلو بذل البطن الثاني اليمين مع الشاهد عند نكول البطن الأول عنها ، ففي إحلافهم قولان :

أحدهما : لا يحلفون ، لأنهم فرع لأصل صاروا له تبعا ، فإذا بطل حكم الأصل المتبوع بطل حكم الفرع التابع .

والقول الثاني : وهو أظهر لهم أن يحلفوا ، لأمرين :

أحدهما : أن الوقف يصير إليهم عن الواقف لا عن البطن الأول ، فصاروا في إفضائه إليهم في حكم البطن الأول .

والثاني : أنه لو امتنع البطن الثاني من الأيمان ، لامتناع البطن الأول منها لملك به البطن الأول إبطال الوقف على البطن الثاني ، وهذا ممتنع ، فكان تمكين البطن الثاني من الأيمان غير ممتنع .

واختلف أصحابنا في أصل هذين القولين على وجهين :

أحدهما : أنهما مبنيان على اختلاف قولي الشافعي في الوقف إذا كان على أصل معدوم وفرع موجود ، هل يبطل الفرع لبطلانه في الأصل ؟ على قولين :

أحدهما : يبطل في الفرع كبطلانه في الأصل ، لامتزاجهما في الصحة والفساد ، فعلى هذا لا يجوز أن يحلف البطن الثاني مع نكول البطن الأول لبطلانه في حقوقهم ، فيبطل في حق من بعدهم .

والقول الثاني : لا يبطل في الفرع ، وإن بطل في الأصل ، لأن حق كل واحد منهما لا يتعداه ، فعلى هذا يجوز للبطن الثاني أن يحلف مع نكول البطن الأول .