الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص90
والوجه الثاني : وهو الظاهر من مذهب الشافعي أنهم يستحقونه بأيمان آبائهم ، لأنه قد صار بأيمانهم وقفا مؤبدا ، فلم يجز أن يكمل للأبناء أن يصير ملكا مطلقا .
فإن انقرض الأبناء وأفضى الوقف إلى المساكين ، فلا أيمان عليهم ، لأنهم غير متعينين واستحقاقهم له معتبر بالأبناء .
فإن قيل بالظاهر من مذهب الشافعي أنهم يستحقونه بأيمان آبائهم استحقه المساكين ، بتلك الأيمان .
وإن قيل : بمذهب أبي العباس بن سريج أنه لا يستحقه الأبناء إلا بأيمانهم ، فله في استحقاق المساكين وجهان :
أحدهما : أنهم يستحقونه بغير يمين للضرورة في عدم التعيين .
والوجه الثاني : أنه لا حق لهم فيه ، ويعود ملكا مطلقا .
ومن مذهب أبي العباس أن الوقف المقدر بمدة يصح ، وإن كان على مذهب الشافعي لا يصح حتى يكون مؤبدا ، وإن مات الإخوة الثلاثة واحدا بعد واحد ، فإن مات واحد منهم عاد نصيبه إلى أخويه ، وصارت منفعة الوقف بينهما نصفين ، وإن مات ثان عاد نصيبه إلى الباقي ، فصار له جميع المنفعة إذا كان شرط الوقف المرتب أن يعود سهم من مات ، استحقه هو في درجته ، فإن أطلق الشرط ، ففي مستحق سهم الميت قبل انقراضهم جميعهم وجهان :
أحدهما : يستحقه من في درجته كما لو كان ذلك مشروطا .
والوجه الثاني : يستحقه المساكين حتى ينقرض جميعهم ، فيستحقه البطن الثاني ، وإذا وجب عود هذا الوقف إلى الباقي من الثلاثة كان في استحقاقه باليمين معتبرا باستحقاق البطن الثاني ، فإن جعل لهم بغير يمين كان ما عاد إلى الباقي على أخويه مستحقا له بغير يمين ، وإن لم يجعل للبطن الثاني إلا بأيمانهم ، ففيما عاد إلى الباقي عن إخوته وجهان :
أحدهما : أنه لا يستحقه إلا بيمين ، لأنه صار إليه عن غيره كالبطن الثاني .
والوجه الثاني : أنه يستحقه بغير يمين ، لأنه قد حلف عليه مرة ، فلم يحتج إلى يمين ثانية . ومن هذا الوجه خالف البطن الثاني ثم حكم البطن الثالث بعد الثاني كحكم البطن الثاني بعد الأول .