الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص87
والوجه الثاني : أنها صارت بالشاهد واليمين أمته وأم ولده ، قضاء بالشهادة .
أحدهما : وهو المشهور من مذهب الشافعي ، والمنصوص عليه في كتبه ، أنه لا يثبت له بالشاهد واليمين ما ادعاه من نسبه وحريته ، ويكون في يد صاحب اليد على ما يذكره فيه أنه عبده أو ولده مع يمينه ، كما لو تجردت الدعوى عن بينة إلا أن يشهد بها شاهدان ، فيحكم له بالنسب والحرية ، لأن الدعوى لو انفردت بنسبه وبحريته لم يحكم فيها بالشاهد واليمين كذلك إذا أقر بادعاء أمته .
والقول الثاني : وحكاه المزني عنه ، ولم يوجد في كتبه أنه يصير بالشاهد واليمين تبعا لأمه في ثبوت نسبه وحريته ، لأنها في الدعوى أصل متبوع ، وهو فيها فرع تابع ، فأوجب ثبوت الأصل ثبوت فرعه ، واستشهد له المزني بما حكاه عن الشافعي في رجل ادعى عبدا في يد رجل ليسترقه أنه كان عبده ، وأنه أعتقه وغصبه صاحب اليد ، بعد حريته ، وأقام بما ادعاه من الملك والعتق شاهدا ويمينا قضي له بالشاهد واليمين ، وإن كان مقصود الدعوى استحقاق الولاء ، لأنه تابع لدعوى رق وعتق . كذلك دعوى الولد ، لأنه تابع لرق أمه ، فاختلف أصحابنا في حكم ما استشهد به المزني من دعوى العبد المعتق ، فكان أبو العباس بن سريج يسوي بينهما ، ولا يفرق ويمنع من ثبوت نسب الولد وعتق العبد ، وإن خرج في نسب الولد قول ثان خرج في عتق العبد .
وذهب جمهور أصحابنا إلى تصحيح ما قاله المزني في عتق العبد ، وفرقوا بينه وبين نسب الولد بأن العبد قد جرى عليه رق يثبت بالشاهد واليمين ، فاستصحب حكمه فيه ، وإن عتق بإقرار مالكه ، والولد لم يجر عليه رق يستصحب حكمه فيه ، فتجردت دعواه بإثبات النسب الذي لا يحكم فيه بالشاهد واليمين .
فأما التعليل بأن الولد تابع لأمه ، فهو وإن كان تابعا لها في البنوة ، فهي تابعة له في الحرية ، لأنها تعتق بحريته .