الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص81
الطفل ، ليحلفا بعد العقل والبلوغ ويستحقا ، ويكون تصرف المدعى عليه فيما يستحقان بأيمانهما نافذا ، سواء كان دينا ، أو يمينا ، لأنه لم يثبت لهما بالشاهد قبل اليمين حق يوجب وقفه وإنما الوقف متوجه إلى الحكم بالحق ، إن حلفا وليس عليهما قبل اليمين حق يوقف عليهما ، وإن حكم باستحقاق الحالفين من شركائهما ، فلا وجه لما وهم فيه بعض أصحابنا ، أنه يوقف الحق عليهما فإن ماتا قبل البلوغ ، والعقل قام ورثتهما مقامهما في اليمين ، فيحلف الورثة في حقوق أنفسهم لأنهم ورثوا استحقاق اليمين التي يستحق بها الدين ، ويصيرون مالكين لحقوقهم من الدين ، بأيمانهم عن المعتوه والطفل ، فإن كان على المعتوه والطفل دين قضى منه ، ولو كان على الميت الأول دين قضي منه بقدر حق المعتوه والطفل ، فلو اجتمع في هذا السهم دينان ، دين على الميت الأول ، ودين على المعتوه والطفل ، قضي الدينان منه ، فإن ضاق السهم عنهما قدم دين الميت الأول على دين المعتوه ، والطفل ، لأنهما يرثان ما بقي بعد قضاء الدين .
قال الماوردي : ومقدمة هذه المسألة أن من مات عن تركة ، وعليه دين ملك الورثة تركته ، وإن أحاط الدين بها ، ومنعوا من التصرف فيها ، إلا بعد قضاء الدين ، وهم في قضائه بالخيار بين أن يقضوه منها ، أو من غيرها من أموالهم ، وتكون التركة كالمرهونة بالدين ، والورثة فيها بمنزلة الراهن الذي يمنع من التصرف في الرهن ، حتى يقضي ما فيه من الدين ، إما من ماله أو من عين الرهن ، والدين باق في ذمة الميت ، دون الورثة حتى يقضيه الورثة ، وقال أبو سعيد الإصطخري من أصحابنا : إن أحاط الدين بالتركة لم يملكها الورثة إلا بعد قضاء الدين ، وكانت باقية على ملك الموروث فإذا قضوه انتقل ملكها إليهم ، وإن أحاط الدين ببعض التركة ، ملكوا من التركة ما زاد على قدر الدين ، ولم يملكوا ما أحاط بقدر الدين إلا بعد قضائه .
وقال أبو حنيفة : إن أحاط الدين بجميع التركة ، لم يملكوها إلا بعد قضائه وإن أحاط ببعض التركة ملكوها جميعا ، قبل قضائه مع موافقتهما ، أن للورثة قضاء الدين من التركة ، ومن غير التركة ، واستدلا على أن الدين مانع من ملك الورثة للتركة ، إلا بعد قضائه ، وتأثير هذا الخلاف يكون من وجهين :