الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص71
عبد الله ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وسعد بن عبادة رضي الله عنهم . ولعله قد رواه غيرهم ، فكان من أشهر الأحاديث وأثبتها ، وقد قضى علي بن أبي طالب بالكوفة باليمين مع الشاهد على المنبر .
معناه : أنه أحلف المدعي قائما على المنبر ، لا أنه حكم به وهو على المنبر .
فاعترضوا على هذا الحديث من ثلاثة أوجه :
أحدها : الطعن فيه والقدح في صحته بما حكوه عن يحيى بن معين : أن ليس في اليمين مع الشاهد عن رسول الله ( ص ) خبر يصح .
وهذا القدح فاسد ، لأن مالكا ، والشافعي قد أثبتاه ، وقالا به ، وهما أعرف بصحة الحديث وأقرب إلى زمن معرفته من يحيى ، وإن كان الحكاية عنه في قدحه ضعيفة ، وقد أثبته مسلم بن الحجاج في الصحيح .
والاعتراض الثاني : بعد تسليم صحته أن قالوا : يجوز أن يكون قضى بشهادة خزيمة بن ثابت ، فإن النبي ( ص ) قضى بشهادته وحده ، وسماه ذا الشهادتين ، وهذه الشهادة يخص بها خزيمة ، فلم يجز أن تعتبر في غيره . وعنه جوابان :
أحدهما : أن خزيمة إنما شهد وحده في قصة الأعرابي حين باع النبي ( ص ) فرسا ، ثم جحده إلى أن شهد خزيمة فاعترف الأعرابي بعد شهادته ، فلم يختص خزيمة إلا بهذه الشهادة .
والثاني : أنه لو كان ذلك في شهادة خزيمة ، لما احتاج إلى إحلاف المدعي مع شهادته .
والاعتراض الثالث : أن قالوا : استعمال الحديث ، أنه قضى بيمين المدعى عليه مع شاهد المدعي ، لقصور بينته ، في نقصها عن عدد الكمال . وعنه جوابان :
أحدهما : أن قضاءه باليمين مع الشاهد موجب أن يكون القضاء متعلقا بهما ، وهذا على ما قالوه متعلق باليمين دون الشاهد .
والثاني : أن في رواية علي بن أبي طالب أنه قضى بالشاهد الواحد مع يمين من له الحق إبطالا لهذا الاعتراض وإبطالا لهذه التأويل .
ويدل عليه انعقاد الإجماع به ، فقد قضى علي بن أبي طالب بالكوفة باليمين مع الشاهد على المنبر ، ومعناه أنه أحلف المدعي قائما ، لا أنه حكم وهو على المنبر .