الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص24
قال الماوردي : اعلم أن للقاذف بالزنا حالتين :
إحداهما : إن تحقق قذفه في الأجنبي والأجنبية يكون بأحد أمرين : إما بإقرار المقذوف بالزنا وإما بقيام البينة عليه بفعل الزنا ، وتحققه في الزوجة يكون مع هذين الأمرين بثالث وهو اللعان ، فإذا حقق قذفه بما ذكرنا كان على حاله قبل القذف في عدالته وقبول شهادته ، وأن لا حد عليه لقذفه .
والحال الثانية : أن لا يحقق قذفه ببينة ولا تصديق ولا لعان ، فيتعلق بقذفه ثلاث أحكام :
أحدها : وجوب الحد ثمانين جلدة .
والثاني : فسقه المسقط لعدالته .
والثالث : أن لا يقبل له شهادة أبدا ما لم يتب ، وهذه الأحكام الثلاثة مأخوذة نصا من قول الله تعالى : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون ) [ النور : 4 ] ويكون القذف هو الموجب لهذه الأحكام الثلاثة من الجلد ، والفسق ، ورد الشهادة .
قال أبو حنيفة : إن القذف موجب للجلد وحده ، فأما الفسق ورد الشهادة فيتعلق بالجلد دون القذف ، فيكون على عدالته ، ويجوز أن تقبل شهادته ما لم يجلد ، فإذا جلد فسق ولم تقبل شهادته أبدا استدلالا بأنه قبل الجلد متعرض لتحقيق القذف وسقوط الجلد ، فلم يستقر حكم القذف إلا بالجلد .
