الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص22
أحدهما : أن الله تعالى أجاز شهادة امرأتين مقام شهادة رجل بقوله تعالى : ( فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ) [ البقرة : 282 ] .
والثاني : أنهن لا يقبلن في مواضع يقبل فيها شهادة الرجال ، ويقبل الرجال في المواضع الذي يقبل فيها شهادة النساء ، فلما لم يقبل شهادة الواحد من الرجال مع قوته ، فأولى أن لا تقبل شهادة الواحدة من النساء مع ضعفها .
ولأنها شهادة ينفرد المشهود عليه بالتزامها ، فوجب أن يفتقر إلى العدد كسائر الحقوق ، وقد حكى المزني قول الشافعي : ‘ والشهادة ما كان الشاهد منه خليا ‘ . وفيه تأويلان :
أحدهما : أن يكون الشاهد خليا من نفع يعود عليه بالشهادة ، ليوضح به الفرق بين الشهادة والأخبار التي تقبل وإن عادت بنفع على المخبر .
والثاني : أن يكون خليا أن يتعلق عليه بالشهادة حكم ، فإن الوارثين إذا شهدا بدين على الميت كان ما عليهما منه واجبا بإقرارهما ، وما على غيرهما منه واجبا بشهادتهما ، ويدل على أبي حنيفة خاصة أنها شهادة على ولادة ، فلم يقبل فيها شهادة واحدة كالشهادة على ولادة المطلقة .
فأما الجواب عن الحديث في شهادة القابلة مع ضعفه وأن المدائني تفرد بروايته ، وهو ضعيف عند أصحاب الحديث ، فلا دليل فيه ، لأنه قبلها ولم ينفرد بقبولها وحدها ، وتكون فائدة الحديث أنها وإن باشرت أحوال الولادة ، فلا يمنع ذلك من قبول شهادتها ، وكذلك المروي عن علي عليه السلام .
وأما الجواب عن استدلالهم بأن فيها معنى الخبر فمن وجهين :
أحدهما : أنها لو جرت مجرى الخبر لقبل فيها شهادة العبد والأمة ، كما يقبل غيرهما ولقبلت شهادة المرأة عن المرأة كما يقبل خبر المرأة عن المرأة ، وقد قال الشافعي : ‘ يقبل خبر المعنعن ولا تقبل شهادة المعنعن ‘ ، يعني فلانا عن فلان عن فلان .
والثاني : أن الخبر يتساوى فيه المخبر والمخبر في الالتزام والانتفاع ، ولا يتساوى الشاهد ومن شهد له وعليه .
وأما الجواب عن استدلالهم باحتشام من عدا القابلة فمن وجهين :
أحدهما : أن العرف جار باجتماع النساء عند الولادة للتعاون وفضل المراعاة .
والثاني : أن هذا المعنى يقتضي أن لا تقبل شهادة غير القابلة وهو أن يكون
