الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص20
والقسم الثالث : ما اختلف فيه ، وهو فيما كان عورة مع الأجانب ، ولم يكن عورة مع ذوي المحارم ، كالذي علا عن السرة وانحدر عن الوجه والكفين ، ومنه الرضاع من الثديين ، فمذهب مالك أنه يجوز أن يقبل فيه شهادة النساء منفردات ، لتحريمه على الأجانب وعند أبي حنيفة لا يقبل فيه شهادة النساء منفردات ، لإباحته لذوي المحارم ، وقد مضت هذه المسألة في الرضاع .
أحدها : أن يقولوا : حانت منا التفاته من غير تعمد ، فرأينا فهم باقون على العدالة ، ويجوز أن تقبل فيه شهادتهم ، وكذلك في الزنا .
والحال الثانية : أن يقولوا : تعمدنا النظر لغير شهادة ، فرأينا ، فقد فسقوا بتعمد النظر لغيره ، فوجب أن لا تقبل شهادتهم ، وكذلك في الزنا .
والحال الثالث : أن يقولوا : تعمدنا النظر لإقامة الشهادة ، ففي فسقهم بهذا النظر ثلاثة أوجه :
أحدها : وهو قول أبي سعيد الإصطخري : أنه يحرم في الزنا ، وغير الزنا ؛ لأنه استباحة محظور لغير ضرورة ، فيصيروا بهذا النظر فسقة ، لا تقبل شهادتهم .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة يحل في الزنا وغير الزنا ؛ لأنه نظر لحفظ حق ، فيكونوا على عدالتهم ، وتقبل شهادتهم .
والوجه الثالث : أنه يحرم في غير الزنا ، ويحل في الزنا ، لأن الزاني هاتك لحرمته وغير الزاني حافظ لها ، فيفسقوا بالنظر في غير الزنا ، ولا تقبل فيه شهادتهم ، ولا يفسقوا بالنظر في الزنا ، وتقبل فيه شهادتهم .
