الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص19
قال الشافعي رحمه الله : ‘ والولادة وعيوب النساء مما لم أعلم فيه مخالفا في أن شهادة النساء جائزة فيه لا رجل معهن ‘ .
قال الماوردي : أما الولادة فلا اختلاف بين الفقهاء في أنه يجوز أن تقبل فيها شهادة النساء منفردات ، وإنما اختلفوا في علة الجواز ، فعند الشافعي أنه مما لا يحضره الرجال ، وعند أبي حنيفة أنه مما لا يباشره إلا النساء .
وأما الشهادة فيما سوى ذلك من أحوال أبدانهن ، فتنقسم ثلاثة أقسام :
أحدها : ما اتفقوا على جواز شهادة النساء المنفردات فيه ، وهو ما حرم على ذوي المحارم تعمد النظر إليه فيما بين السرة والركبة سواء كان في الفرج كالقرن ، والرتق أو كان مما عداه من برص أو غيره ، تعليلا عند الشافعي بأنه لا يشاهده الرجال ، وتعليلا عند أبي حنيفة بأنه لا يباشره إلا النساء .
فإن قيل : فهي عورة من المرأة تحرم على الرجال والنساء ، فلم جوزتم فيها شهادة النساء مع مشاركتهن للرجال في التحريم ؟
قيل : لأنها في حقوق الرجال أغلظ تحريما منها في حقوق النساء ، لأن تحريمها في الرجال مختص بمعنيين :
أحدهما : ستر العورة .
والثاني : قطع الشهوة .
وتحريمها في النساء مختص بمعنى واحد ، وهو ستر العورة فلما دعت الضرورة فيه إلى الشهادة أبيحت لأخف الجنسين حظرا .
والقسم الثاني : ما لا يقبل فيه إلا الرجال دون النساء ، وهو ما لم يكن من عورات أبدانهن كالوجه والكفين ، فلا يقبل في عيوبه إلا شهادة الرجال دون النساء إجماعا ، لخروجه عن العورة في حقوق الرجال والنساء ، فلم تدع الضرورة إلى فيه انفراد النساء .
