الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص12
ودليلنا الكتاب والسنة والاعتبار .
فأما الكتاب فقوله تعالى : ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام ، لتأكلوا فريقا من أموال الناس ) [ البقرة : 188 ] الآية .
وفي تفسير هذه الآية دلائل كالنصوص فقوله : ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) فيه تأويلان :
أحدهما : بالظلم .
والثاني : بالحرام .
ولا ينفك الحكم بشهادة الزور منها .
وفي قوله تعالى : ( وتدلوا بها إلى الحكام ) تأويلان :
أحدهما : وتترافعوا فيها إلى الحكام .
والثاني : وتحتجوا بها عند الحكام .
وهذه صفة المشهود له بالزور .
وفي قوله : ( لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ) أي : أموال فريق من الناس .
( بالإثم ) فيه تأويلان :
أحدهما : بشهادة الزور ، وهذا نص .
والثاني : بالجحود ، وهو في معنى النص .
وأما السنة فما رواه الشافعي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي ( ص ) قال : ‘ إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، فأقضي له على غيره بما أسمع منه ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه ، فلا يأخذه منه فإنما أقطع له قطعة من النار ‘ وهذا نص ، لأنه أخبر أنه يقضي بالظاهر ، وأنه على حقيقته في الباطن لا يحل حراما ، ولا يحرم حلالا .
وروى أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قتل رجل على عهد رسول الله ( ص ) فرفع القاتل إلى رسول الله ( ص ) فدفعه إلى ولي المقتول ، فقال
