الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص10
قال الماوردي : وهذا أراد به مالكا لأنه يوافق على القضاء باليمين مع الشاهد في الأموال ، وإن خالف فيه أبو حنيفة ثم تجاوز مالك ، فقضى باليمين مع شهادة امرأتين وإن لم يره الشافعي استدلالا بأن الله تعالى أقام شهادة امرأتين مقام شهادة رجل بقوله تعالى : ( فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ) [ البقرة : 282 ] ثم ثبت جواز القضاء بالشاهد واليمين ، فكذلك بالمرأتين واليمين .
ولأن الله تعالى قال : ( أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) [ البقرة : 282 ] وفي قوله ( فتذكر ) قراءاتان :
إحداهما : بالتشديد من النسيان .
والثانية : بالتخفيف أي : يكونان كالذكر ، فيكون الاستدلال بهذه القراءة نصا ، وبالأولى تنبيها .
ودليلنا : هو أن شهادة الرجلين أقوى من شهادة المرأتين ، لأن شهادة الرجلين مقبولة في الحدود والأموال ، وشهادة الرجل والمرأتين مردودة في الحدود ، وإن قبلت في الأموال ، والحكم باليمين أضعف من الحكم بالبينة لتقدمها على اليمين ، فحكمنا بشاهد ويمين لاجتماع قوي مع ضعيف كما حكمنا برجل وامرأتين ، ولم نحكم بامرأتين ويمين لاجتماع ضعيف مع ضعيف ، وكما لم نحكم في الأموال بأربع نسوة .
فإن قيل : فإنما أعطى مع يمين رجل .
قيل : فيلزمك أن لا تعطي مع يمين امرأة وأنت تسوي بينهما في اليمين وفي هذا انفصال عن استدلاله .
