الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص9
قالوا : ولأنه حتى يثبت مع الشبهة ، فجاز أن يثبت بشاهد وامرأتين كالأموال .
ودليلنا أن الله تعالى نص في الشهادة فيما سوى الأموال على الرجال دون النساء في ثلاثة مواضع في الطلاق والرجعة والوصية ، فقال تعالى : ( فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم ) [ الطلاق : 2 ] وقال في الوصية : ( إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم ) [ المائدة : 106 ] فنص على شهادة الرجال ، فلم يجز أن يقبل فيه شهادة النساء كالزنا .
فروى مالك عن عقيل عن ابن شهاب قال : مضت السنة من رسول الله ( ص ) أنه لا يجوز شهادة النساء في الحدود ، ولا في النكاح ، ولا في الطلاق .
وهذا وإن كان مرسلا ، فهو لازم لهم ، لأن المراسيل حجة عندهم ، ولأن كلما لم يكن المقصود منه المال إذا لم يقبل فيه شهادة النساء على الانفراد لم يقبلن فيه مع الرجال ، كالقصاص .
وإن اعترضوا بالوكالة والوصية أن المال يتعلق بهما ، فهلا جاز إثباتهما بشاهد وامرأتين ؟
قيل : ليس في عقد الوكالة والوصية مال وإنما أريد بهما التصرف في المال ، وإنما هي تولية أقيم الرجل فيها مقام غيره ، ولأن الحقوق ضربان : حقوق الله تعالى ، وحقوق الآدميين ، فلما وقع الفرق في حقوق الله تعالى بين أعلاها وأدناها في العدد . فأعلاها الزنا ، وأدناها الخمر ، وجب أن يقع الفرق في حقوق الآدميين بين أعلاها وأدناها في الجنس فأعلاها ، حقوق الأبدان ، وأدناها ، حقوق الأموال فأما الجواب عن الآية ، فهو أنها نص في الأموال ، فلم يصح استعمال العموم فيها .
وأما الجواب عن قياسهم على الأموال ، فهو أنه يصح الإبراء منها والإباحة لها .
ولو ادعت الزوجة الخلع ، وأنكر الزوج لم يسمع فيه إلا شهادة رجلين ، ولو ادعاه الزوج ، وأنكرته الزوجة سمع فيه شهادة رجل وامرأتين .
والفرق بينهما أن بينة الزوجة لإثبات الطلاق ، وبينة الزوج لإثبات المال .
