الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص8
والقسم الثالث : ما اختلف عدد الشهادة فيه وهو الإقرار بالزنا ، وفيه للشافعي قولان :
أحدهما : أنه لا يثبت بأقل من أربعة شهود لا امرأة فيهم ، لأنه موجب لحد الزنا كالشهادة على فعل الزنا .
والقول الثاني : أنه يثبت بشاهدين ، لأنه إقرار فأشبه الإقرار بما عداه .
أحدها : وهو أوسعها ، وهو ما يقبل فيه شاهدان وشاهد وامرأتان ، وشاهد ويمين ، وهو المال وما كان مقصوده المال ، لقول الله تعالى : ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ) [ البقرة : 282 ] وقضى رسول الله ( ص ) بالشاهد واليمين .
والقول الثاني : ما يقبل فيه شهادة النساء منفردات ، وهو الولادة والاستهلال والرضاع ، وما لا يجوز أن يطلع عليه الرجال الأجانب من العيوب المستورة بالعورة ، فيقبل فيه أربع نسوة ، وجوز أبو حنيفة في الولادة قبول شهادة القابلة وحدها ، والكلام معه يأتي .
فإن شهد بذلك شاهدان أو شاهد وامرأتان قبل ، لأن شهادة الرجال أغلظ ، ولا يقبل فيه شاهد ويمين .
والقسم الثاني : ما يقبل فيه شهادة رجلين ولا يقبل فيه شهادة النساء بحال ، وهو كل ما لم يكن حالا ولا المقصود منه المال ، ويجوز أن يطلع عليه الرجال الأجانب كالنكاح والطلاق ، والخلع ، والرجعة ، والقصاص ، والقذف ، والعتق والنسب ، والكتابة ، والتدبير ، وعقد الوكالة والوصية ، فلا يقبل في جميع ذلك شهادة النساء .
وبه قال مالك والأوزاعي والنخعي وأكثر الفقهاء .
وقال أبو حنيفة وأصحابه وسفيان الثوري : أقبل في جميع ذلك شهادة رجل وامرأتين إلا في القصاص والقذف استدلالا بقول الله تعالى : ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ) [ البقرة : 282 ] فكان محمولا على عمومه في كل حق إلا ما خصه دليل .
