پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص4

والقسم الثاني : ما كانت الشهادة فيه وثيقة ، ولم تكن شرطا في صحة عقده كالإجارة والرهن والقراض والوكالة .

والقسم الثالث : ما كان مختلفا في وجوبها فيه ، وهو عقود البياعات ، فمذهب الشافعي وأبي حنيفة ومالك وأكثر الفقهاء أن الشهادة في البيع مستحبة وليست واجبة .

وقال سعيد بن المسيب وداود وطائفة من أهل الظاهر إن الشهادة في البيع واجبة استدلالا بقول الله تعالى : ( وأشهدوا إذا تبايعتم ) [ البقرة : 282 ] وهذا أمر يدل على الوجوب ، وبما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم رجل أتى السفيه ماله ، فهو يدعو عليه قال الله تعالى : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ) [ النساء : 5 ] ، ورجل له امرأة سيئة الخلق ، فهو يدعو عليها للخلاص منها وقد جعل الله إليه طلاقها ، ورجل باع بيعا فلم يشهد والله تعالى يقول : ( وأشهدوا إذا تبايعتم ) [ البقرة : 282 ] ، فدل على وجوب الشهادة في البيع .

ودليلنا ما ذكره الشافعي من قول الله تعالى : ( إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) [ البقرة : 282 ] والدين المؤجل لا يثبت إلا في البيوع ، والكتاب يكون للشهادة ، ثم قال ( فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته ) [ البقرة : 283 ] . فدل على أن الشهادة في البيع محمولة على الإرشاد والاستحباب دون الحتم والوجوب .

وروي عن جابر بن عبد الله أنه قال : تخلفت عن الناس في السير ، فلحقني النبي ( ص ) فقال : ‘ بعني جملك وأستثني لك ظهره إلى المدينة قال : فبعته منه ‘ فدل الظاهر أنه لم يشهد .

وروي أن النبي ( ص ) ابتاع من أعرابي شيئا فاستتبعه ليقضيه الثمن فلما رآه المشركون فطفقوا وطلبوه بأكثر ، فقال النبي ( ص ) : ‘ قد ابتعته فجحده الأعرابي ، فقال : من يشهد لي ، فقال خزيمة بن ثابت : أنا أشهد لك . قال : بم تشهد ، ولم تحضر ، فقال : نصدقك على أخبار السماء ولا نصدقك على أخبار الأرض ؟ فسماه النبي ( ص ) ذا