الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص322
وقال ابن أبي ليلى : يحكم بما علمه في مجلس قضائه ولا يحكم بما علمه في غيره .
وقال أبو يوسف : يحكم بعلمه إلا في الحدود .
وقال مالك : لا يحكم بعلمه في حال من الأحوال وبه قال من التابعين شريح ، والشعبي ومن الفقهاء الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق .
فأما مذهب الشافعي فقد نص في كتاب الأم على قولين فقال في أدب القاضي من الأم : لا يجوز فيه إلا واحد من قولين :
أحدهما : أن له أن يقضي بكل ما علم قبل الولاية وبعدها في مجلس الحكم وغيره من حقوق الآدميين .
والثاني : لا يقضي بشيء من علمه في مجلس الحكم ولا غيره إلا أن يشهد شاهدان على مثل ما علم فيكون علمه وجهله سواء .
وأظهر قوليه على مذهبه جواز حكمه بعلمه وهو اختيار المزني والربيع وإنما لم يقطع به حذارا من ميل القضاة .
فأما حكمه بعلمه في حقوق الله تعالى فقد قال الشافعي في أدب القاضي يحتمل أن يكون كحقوق الآدميين ويحتمل أن يفرق بينهما .
فاختلف أصحابه في مذهبه فيها فكان أبو العباس بن سريج وأبو علي بن أبي هريرة يجمعان بينها وبين حقوق الآدميين في تخريجها على قولين .
وذهب الأكثرون من أصحابه إلى أنه لا يجوز أن يحكم فيها بعلمه قولا واحدا وإنما القولان في حقوق الآدميين .
واستدل من منع القاضي من الحكم بعلمه بقول الله تعالى : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ) ، فلو جاز له الحكم بعلمه لقرنه بالشهادة .
ولقوله ( ص ) للحضرمي في دعواه الأرض على الكندي : ‘ شاهداك أو يمينه ليس لك إلا ذلك ‘ فدل على انتفاء الحكم بالعلم .
ولأن رسول الله ( ص ) قد علم من كفر المنافقين ما لم يحكم فيه بعلمه .
وبما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنه تقاضى إليه نفسان فقال