الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص300
فإن قيل إذا اجتمع الإقرار والبينة تعلق الحكم بالإقرار دون البينة .
قيل هو كذلك إذا كان الإقرار ممكنا وبخلافه إذا كان معتذرا .
فإن قيل لو كان حاضرا لقدر على دفع البينة بالجرح ولا يقدر على ذلك مع الغيبة .
قيل يمكنه بعد الحكم عليه أن يقيم البينة بالجرح فيسقطها وينتقض بها ما تقدم من الحكم فلم يمنعه نفوذ الحكم من استدراكه .
فأما الجواب عن الآية : فمن وجهين :
أحدهما : أنها في الحاضر ، لأن الدعاء يكون للحاضر دون الغائب .
والثاني : أنه ذمه بالإعراض ، وذمه أحق بوجوب الحكم عليه من إسقاطه عنه
وأما الجواب عن الخبر فمن وجهين :
أحدهما : أنه قال : إذا أتاك الخصمان فكان واردا في الحاضرين .
والثاني : أن اشتراط ذلك في الحاضر دليل على جوازه في الغائب لعدم الشرط .
وأما الجواب عن قياسه على الحاضر : فهو أن سؤاله ممكن ، وسؤال الغائب متعذر .
وأما الجواب عن قياسه على يمين المنكر ، فهو وجود الدعوى في البينة ، فجاز الحكم بها وعدم الدعوى في يمين المنكر فلم يجز الحكم بها .
وأما الجواب عن قياسه على الحكم للغائب ، فهو أن لصاحب الحق تأخيره وليس لمن عليه الحق تأخيره .
فإذا ثبت بما ذكرنا جواز القضاء على الغائب فهو مخصوص بحقوق الآدميين .
فأما حقوق الله تعالى التي تدرأ بالشبهات فلا يجوز القضاء بها على غائب كحد الزنا وحد الخمر لاتساع حكمها بالمهلة .
فإن كان مما يجمع فيه بين حق الله تعالى وحق الآدمي كالسرقة قضي على الغائب بالغرم ولم يقض عليه بالقطع إلا بعد حضوره .
فإذا صحت هذه الجملة وجب أن نصف ما على القاضي في الاستعداء إليه والتحاكم عنده .
فإذا تشاجر خصمان في حق ودعا أحدهما صاحبه إلى الحضور معه عند الحاكم .