الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص294
أحدها : أن يعلم به الخصمان قبل التحاكم إليه ، فإن لم يعلم به إلا بعد الحكم لم يجز أن يرتزقهما .
والثاني : أن يكون رزقه على الطالب والمطلوب ولا يأخذ من أحدهما فيصير به متهوما .
والثالث : أن يكون عن إذن الإمام لتوجه الحق عليه فإن لم يأذن به الإمام لم يجز .
والرابع : أن لا يجد الإمام متطوعا فإن وجد متطوعا لم يجز .
والخامس : أن يعجز الإمام عن دفع رزقه فإن قدر عليه لم يجز .
والسادس : أن يكون ما يرتزقه من الخصوم غير مؤثر عليهم ، ولا مضر بهم فإن أضر بهم أو أثر عليهم لم يجز .
والسابع : أن يستزيد على قدر حاجته فإن زاد عليها لم يجز .
والثامن : أن يكون قدر المأخوذ مشهورا يتساوى فيه جميع الخصوم ، وإن تفاضلوا في المطالبات ؛ لأنه يأخذه على زمان النظر فلم تعتبر مقادير الحقوق .
فإن فاضل بينهم فيه لم يجز ، إلا أن يتفاضلوا في الزمان فيجوز .
وفي مثل هذا معرة تدخل على جميع المسلمين .
ولئن جازت فيه الضرورات فواجب على الإمام وكافة المسلمين أن تزال مع الإمكان إما بأن يتطوع منهم بالقضاء من يكون من أهله ؟ وإما أن يقام لهذا بكفايته ؛ لأنه لما كانت ولاية القضاء من فروض الكافيات ، كان رزق القاضي بمثابة ولايته .
فإن اجتمع أهل البلد ، مع إعواز بيت المال على أن يجعلوا للقاضي من أموالهم رزقا دارا جاز ، وكان أولى من أن يأخذه من أعيان الخصوم .
والفصل الثاني : فيما يكتبه القاضي من محاكمة الخصمين ، ولهما حالتان :
إحداهما : أن يسألاه الكتابة .
والثاني : أن لا يسألاه .
فإن لم يسألاه إياها كان القاضي مندوبا إلى إثبات محاكمتها في ديوانه ، مشروحة بما انفصلت عليه من إلزام أو إسقاط احتياط للمتحاكمين .
ووجوب ذلك عليه معتبر بالحكم ، فإن كان مما قد استوفى وقبض لم يجب عليه إثباته وكان بإثباته مستظهرا .
وإن كان فيما لم يقبض ولم يستوف ، فإن كانت الحال لاشتهارها لا ينسى مثلها