الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص284
لها فإن كان مستغنيا عن الولاية حرم عليه بذلها وإن كان محتاجا إليها لم يحرم عليه بذلها .
والضرب الثاني : أن يهدي إليه من يشكره على جميل كان منه ، فهذا خارج من الرشا ، وملحق بالهدايا ؛ لأن الرشوة ما تقدمت والهدية ما تأخرت ، وعليه ردها ولا يجوز له قبولها ؛ لأنه يصير مكتسبا بمجاملته ومعتاضا على جاهه وسواء كان ما فعله من الجميل واجبا أو تبرعا ، ولا يحرم بذلها على المهدي .
والضرب الثالث : أن يهدي إليه من يبتدئه بالهدية لغير مجازاة على فعل سالف ولا طلبا لفعل مستأنف ، فهذه هدية بعث عليها جاه السلطنة ، فإن كافأ عليها جاز له قبولها وإن لم يكافئ عليها ففيه وجهان :
أحدهما : يقبلها لبيت المال لأن جاه السلطنة لكافة المسلمين .
والوجه الثاني : يردها ولا يقبلها لأنه المخصوص بها ، فلم يجز أن يستأثر دون المسلمين بشيء وصل إليه بجاه المسلمين .
وأما الصنف الثاني وهم ولاة العمالة كعمال الخراج والصدقات ، فلا يخلو حال المهدي من أن يكون من أهل عمله ، أو من غيرهم .
فإن كانت من غير أهل عمله كانت المهاداة بينهما كالمهاداة بين غير الولاة والرعايا .
وإن كان من أهل عمله فعلى ثلاثة أضرب :
أحدها : أن تكون الهدية قبل استيفاء الحق من المهدي ، فهذه رشوة لتقدمها ، فيحرم عليه قبولها لأنها تهمة تعطفه عن الواجب . وقد روي عن عائشة موقوفا ورواه بعضهم مسندا ‘ اللطفة عطفة ‘ وسواء كان العامل مرتزقا أو غير مرتزق .
فإن أضاف العامل ، ولم يهاده نظر ، فإن كان العامل مستوطنا لم يجز أن يدخل في ضيافته ، وإن كان مجتازا جاز أن يدخل في ضيافته ، بعد استيفاء الحق منه ، ولم يجز أن يدخل فيها قبل استيفائه .
والضرب الثاني : أن يهدى إليه بعد استيفاء الحق منه ، على جميل قدمه إليه ، فينظر ، فإن كان الجميل مما يجب على العامل أن يفعله بحق عمله ، وجب رد الهدية وحرم قبولها .
وإن كان مما لا يجب عليه ، لم يكن للعامل أن يتملكها ما لم يعجل المكافأة عليها .
