الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص279
قال الماوردي : والأولى في أدب الخصمين إذا جلسا للتحاكم أن يستأذنا القاضي في الكلام ليتكلما بعد إذنه .
فإن بدئ بالكلام من غير إذنه ، جاز ، وإن خالف فيه أدبه .
فإن سكت الخصمان ولم يتكلم واحد منهما بعد جلوسهما فإن كان السكوت للتأهب للكلام أمسك عنهما ، حتى يتحرر للمتكلم ما يذكره .
وكذلك إن كان سكوتهما لهيبة حضرتهما عن الكلام توقف حتى تسكن نفوسهما فيتكلمان .
وإن أمسكا لغير سبب ، لم يتركهما على تطاول الإمساك ، فينقطع بهما عن غيرهما من الخصوم وقال لهم : ما خطبكما ؟ وهو أحد الألفاظ في استدعاء كلامهما ؛ لأنه في كتاب الله تعالى محكي من نبيه مولى عليه السلام فإن عدل عنه ، وقال : تكلما ، أو يتكلم المدعي منكم ، أو يتكلم أحدكما ، جاز .
والأولى أن يقول ذلك العون القائم على رأسه ، أو بين يديه .
فإن تنازعا في الابتداء بالكلام ، ولم يسبق به أحدهما ، فقد ذكرنا فيه وجهين :
أحدهما : يقرع بينهما ، ويقدم من قرع منهما .
والثاني : يصرفهما ، حتى يتفقا على ابتداء أحدهما .
قال الماوردي : أما إن اتفقا على الطالب منهما والمطلوب ، فالمبتدئ بالكلام منهما هو الطالب قبل المطلوب ؛ لأن كلام الطالب سؤال ، وكلام المطلوب جواب .
فإن تنازعا في الطالب والمطلوب منهما فقال كل واحد منهما : أنا طالب وأنت مطلوب ، نظر : فإن سبق أحدهما فهو الطالب ، وصاحبه هو المطلوب وإن قالا معا ، ولم يسبق به أحدهما ، ففيه ما قدمناه من الوجهين :
أحدهما : الأقراع بينهما .
والثاني : صرفهما حتى يتفقا على الطالب منهما .
