الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص278
وهكذا لا يجوز أن يضجر على الشاهد ولا ينتهره ؛ لأن الضجر والانتهار عنت .
قال الماوردي : يعني من الخصمين ، لأنه يصير بالتلقين ممايلا له وباعثا على الاحتجاج بما لعله ليس له .
فأما إن قصر المدعي في الدعوى ولم يستوفها ، سأله عما قصر فيه ، ليتحقق به الدعوى .
فإنه لقنه تحقيق الدعوى ، فقد اختلف أصحابنا فيه ، فجوزه بعضهم لأنه توفيق لتحقيق الدعوى ، وليس بتلقين للحجة . ومنع منه آخرون ، لأنه يصير معينا له على خصمه . وقال له : إن حققت دعواك سمعتها ، وإلا صرفتك حتى يتحقق لك .
فإن قال له استعن بمن ينوب عنك فإن أشار بذلك إلى الاستعانة في الاحتجاج عنه لم يجز ، وإن أشار به إلى الاستعانة في تحقيق الدعوى جاز ولا يعين له على من يستعين به .
قال الماوردي : يعني أنه لا يلقن الشاهد ما يشهد به ، لأمرين :
أحدهما : أنه يصير بتلقينه مائلا مع المشهود له .
والثاني : أنه ربما لقنه ما ليس عنده .
فإن لقنه صفة لفظ الأداء ، ولم يلقنه ما يشهد به في الأداء ، فقد اختلف أصحابنا فيه ، كما اختلفوا في تلقين الخصم تحقيق الدعوى ، فجوزه بعضهم ، لأنه توقيف ، وليس بتلقين ، وقد أشار إليه الشافعي . ومنع منه آخرون لما فيه من الممايلة ، ويقول له أن بينت ما تصح به شهادتك سمعتها .
ولا يجوز أن يبعث الشاهد على الشهادة إذا توقف عنها ولا يبعثه على التوقف عنها إذا بادر إليها إلا في الحدود التي تدرأ بالشبهات فيجوز أن يعرض له بالتوقف عنها ، كما فعله عمر في الشهود على المغيرة بالزنا حتى توقف زياد فدرأ به الحد عن المغيرة .
