الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص275
وكان تركه أولى إن لم يفد ، ولا ينبغي للقاضي أن يستدعيهم للشهادة ، ولا ينبغي لهم أن يبدأوا بها إلا بعد استدعائهم لها .
والذي يجب فيه أن يستأذن المشهود له القاضي في إحضاء شهوده .
فإذا أذن له أحضرهم ، وقال لهم القاضي بم تشهدون ؟ على وجه الاستفهام ، ولم يقل لهم اشهدوا ، فيكون أمرا .
ويكون القاضي فيه بالخيار بين أن يقول ذلك للشاهدين فيتقدم من شاء منهما بالشهادة ، ولا يحتاج الثاني إلى إذن بعد الأول ، وبين أن يقول ذلك لأحدهما فيبدأ بالشهادة ، ولا يكون للآخر أن يشهد إلا بعد إذن آخر .
ولو بدأ الأول فاستوفى الشهادة ، وقال الثاني : أشهد بمثل ما شهد به ، لم تصح شهادته ، حتى يستوفيها لفظا كالأول ، لأنه موضع أداء وليس موضع حكاية .
فإذا دخلا عليه سوى بينهما ، في لحظه ولفظه إن أقبل كان إقباله عليهما ، وإن أعرض كان إعراضه عنهما ، ولا يجوز أن يقبل على أحدهما ، ويعرض على الآخر ، وإن تكلم كان كلامه لهما ، وإن أمسك كان إمساكه عنهما ، ولا يجوز أن يكلم أحدهما ويمسك عن الآخر ، وإن اختلفا في الدين والحرية لئلا يصير ممايلا لأحدهما .
ولا يسمع الدعوى منهما وهما قائمان ، حتى يجلسا بين يديه ، تجاه وجهه ، روى عبد الله بن الزبير قال : ‘ قضى رسول الله ( ص ) أن يجلس الخصمان بين يدي القاضي ‘ .
وينبغي أن يكون مجلس الخصوم عند القاضي أبعد من مجالس غيرهم ، ليتميز به الخصوم من غيرهم .
ويسوي في المجلس بين الشريف والمشروف ، وبين الحر والعبد ، كما سوى بينهما في الدخول .
