الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص271
في القسمة أنه قسمها بينهما بإقرارهما ، ليستظهر بذلك مما يخافه من ظهور منازع فيها ، وسواء كان هذا مما ينقل أو لا ينقل وهذا مذهب أبي يوسف ومحمد .
فاختلف أصحابنا في تخريج هذا المذهب قولا ثانيا للشافعي .
فذهب بعضهم إلى إبطال تخريجه قولا ثانيا ، لأن الشافعي قد صرح بإبطاله فقال : ولا يعجبني ذلك لما وصفنا فلم يجز مع هذا الرد أن يجعل قولا له .
وذهب الأكثرون منهم إلى تخريجه قولا ثانيا ، لأن هذا التعليل ترجيح للأول وليس بإبطال للثاني ، فيكون له في قسمها بينهما من غير بينة قولان :
أحدهما : لا يقسمها وهو الأظهر تعليلا بما قدمناه .
والقول الثاني : يقسمها ويستظهر بما وصفناه .
فإذا قسمها على هذا القول استظهر بأمرين :
أحدهما : أن ينادي هل من منازع ؟ ليستدل بعدمه على ظاهر الملك .
والثاني : أن يحلفهما أن لا حق فيها لغيرهما .
وفي هذه اليمين وجهان :
أحدهما : أنها استظهار فإن قسمها من غير أحلافهما جاز .
والثاني : أنها واجبة .
فإن قسمها من غير إحلافهما لم يجز .
فأما أبو حنيفة ، فإنه خالف بتفصيله مطلق القولين ، فقال : فيما ينقل من العروض والسلع أنه يقسمه بينهما بغير بينة ، وفيما لا ينقل من الضياع والعقار إن ادعياه ميراثا لم يقسم إلا ببينة تشهد بالميراث ، وإن ادعياه بابتياع أو غيره قسمه بغير بينة تشهد بالابتياع .
وقد ذكرنا أنه ليس البينة بالميراث والابتياع بينة بالملك وإنما هي بينة بسبب دخول اليد ، فلم يكن لهذا الفرق وجه الله أعلم بالصواب .
