الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص228
مستحق عنده وليس له أن يمنع الطالب منه ، لنفوذ الحكم به ، وقال للمطلوب : لست أوجبه عليك ، ولا أسقطه عنك ، وقال للطالب : لست أوجبه لك ، ولا أمنعك منه ، فإن تراضيتما أمضيته على مراضاتكما ، وإن تمانعتما تركتكما على تنازعكما ، وقطعت التنافر بينكما . ويخرج في هذه القضية أن يكون فيها حاكما أو مستوفيا .
فهذه جملة ما ضمناه عقد الباب من الأقسام والأحكام والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، وهو الأحوط في كتب القضاة ، أن يكون الكتاب على نسختين :
إحداهما : مع الطالب مختومة والأخرى مع الشاهدين مفضوضة يتدارسانها ، ليحفظا ما فيها ، وتكون التي مع الطالب محفوظة بالختم حتى إن ضاعت إحدى النسختين ، أو كلاهما ، أمكن الشاهدان إذا حفظا ما في الكتاب أن يشهدا بما فيه .
فإن اقتصر القاضي في الكتاب على نسخة واحدة جاز وله فيه حالتان :
إحداهما : أن يدفع الكتاب إلى الشاهدين دون الطالب ، فيجوز وهو مخير بين ختمه وتركه والأولى أن لا يختمه إذا كان معهما ليتدارساه ويحفظا ما فيه حتى يشهدا به لفظا إن ضاع منهما .
والحال الثانية : أن يدفع القاضي الكتاب إلى الطالب دون الشاهدين ، فعلى القاضي من الاحتياط فيه أن يختمه بخاتمه وعلى الشاهدين من الاحتياط في الشهادة به أن يوقعا فيه خطهما ويختماه بختمهما ، ليكون ذلك علامة لهما في نفس الارتياب عنهما ويكون ختمهما في داخل الكتاب وختم القاضي على ظهره معطوفا .
فإن اقتصر الشاهدان على الخط دون الختم جاز ، وإن تركا زيادة الاحتياط .
فإذا وصل الطالب والشاهدان إلى القاضي المكاتب ، تفرد الطالب بخطابه دون الشاهدين ، وكان أول كلامه مستعديا إليه ، ولم يكن مدعيا عنده ، فيقول : أنا أستعديك على فلان في حق لي عليه ، أو في يده وقد منعني منه .
ويجوز أن يقتصر على هذا القول ، ولا يذكر الكتاب ولا حضور الشهود ولا يصف الحق ولا يذكر قدره لأنه مجلس استعداء وليس مجلس دعوى ويسأله إحضار خصمه .