الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص224
فالأولى بالقاضي الأول أن يستعيد منه الكتاب الأول ويكتب له كتابا ثانيا إلى القاضي الثالث .
فإن لم يستعده ، ذكر في الكتاب الثاني أنه قد كان كتب له كتابا بهذا الحكم إلى فلان القاضي حتى لا يتوصل بالكتابين إلى أن يأخذ بحق حقين .
فإن قال الطالب خصمي في بلد كذا ولست أمن أن ينتقل منه إلى غيره ، وسأل كتابين ، لم يجز أن يكتبهما ، وكان القاضي بين خيارين : إما أن يكتب إلى قاضي البلد الذي كان فيه المطلوب ، ليتنجز به الطالب كتاب ذلك القاضي ، إن خرج المطلوب إلى غيره وأما أن يكتب له كتابا مرسلا إلى من وصل إليه كتابه من سائر القضاة .
وهكذا لو لم يعرف الطالب البلد الذي فيه المطلوب ، كتب له القاضي كتابا مطلقا يعلم به جميع القضاة ، فأي قاض كان المطلوب في بلده جاز له أن يقبل كتابه ويحكم به .
ولو كتب القاضي للطالب كتابا وتسلمه منه ثم ذكر أنه قد ضاع ، كتب له غيره على مثل نسخه لا يتغير في لفظ ولا معنى ، وذكر فيه أن الطالب قد كان تنجز غيره بمثله ، وذكر أنه ضاع منه لئلا يتم بالكتابين احتيال .
ويجوز أن يكون كتاب القاضي إلى القاضي على أحد وجهين :
إما بالحكم بالحق ليكون الثاني مستوفيا ، وإما بثبوت الحق ، ليكون الثاني حاكما .
ولا يكتب إليه إلا بما حكم به ، وأمضاه ، ليكون الأمير مستوفيا له ولا يكون حاكما به لأن الحماة والأمراء أعوان على استيفاء الحقوق ، وليسوا بحكام فيها ، بخلاف القضاة المندوبين للاستيفاء والأحكام .
وإذا كان كذلك ، فمكاتبة القاضي للأمير مقصورة على أحد ثلاثة أمور :
أحدها : أن يكتب إليه بما حكم به من ملك الطالب في بلده ، ليمكنه من التصرف فيه ، فيرفع عنه يد من سواه ، فهذا يجوز إذا أمن عدوان الأمير .
فلو كان لبلد الملك أمير وقاض ، كانت مكاتبة الأمير بذلك أولى من مكاتبة القاضي ؛ لأنه باليد أخص ، ما لم يعارضه القاضي فيه .
والثاني : أن يكتب إليه بما حكم به على الخصم المطلوب ، ليستوفيه للطالب ، فهذا يجوز أن يكاتب به الأمير .