الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص223
آخر وسأل القاضي سماع البينة بنسبه وحريته أو بأنه ولد على فراشه ليكتب به إلى قاضي ذلك البلد ، فلهذا الطالب في طلبه ثلاثة أحوال :
إحداها : أن يطلب ذلك ؛ لأن الولد قد مات فيجوز للقاضي أن يسمع البينة بذلك ويكتب به إلى قاضي ذلك البلد ليحكم له بميراث ولده .
والحال الثانية : أن يذكر أن الولد حي ، وأنه في يد من قد استرقه سمع البينة بنسبه وحريته ، وكتب بها إلى قاضي ذلك البلد ، سواء ذكر اسم المسترق أو لم يذكره .
ولو كان هذا في ملك لم تسمع البينة إلا بعد تسمية صاحب اليد ؛ لأن الملك ينتقل والحرية ولا تنتقل .
فإن كانت البينة تشهد بحرية الولد ولم تشهد بنسبه ، لم يسمعها ، ولم يكتب بها ؛ لأن الطالب إذا لم يثبت له نسب لم يثبت له حق في الطلب ، ولو كانت البينة تشهد بالنسب دون الحرية نظر فإن كان ثبوته موجبا للحرية سمعها وكتب بها وإن لم يوجب الحرية لم يسمعها ولم يكتب بها .
والحال الثالثة : أن لا يذكر الطالب استرقاق الولد ، ولا موته ، فلا يجوز أن يسمع البينة ولا يكتب بها ؛ لأنه لا يتعلق بها في الحال حق لطالب ولا مطلوب ، فهذا حكم الفصل الأول فيما اشتمل عليه من الأقسام الأربعة .
وأما الفصل الثاني : من الفصول الأربعة وهو فيمن يكاتبه القاضي بحكمه فهم على أربعة أقسام :
أحدها : مكاتبة القضاة .
والثاني : مكاتبة الأمراء .
والثالث : مكاتبة الشهود .
والرابع : مكاتبة المحكوم عليه .
فأما القسم الأول في مكاتبة القضاة : فيكاتب بحكمه أحد قاضيين : إما قاضي البلد الذي فيه الخصم المحكوم عليه ، وإما قاضي البلد الذي فيه الملك المحكوم به ، وليس لمكاتبة غيرهما من القضاة وجه ، لأنه لا يتعلق على غيرهما شيء من حكمه .
فإذا كتب إلى قاضي البلد الذي فيه الخصم المطلوب فانتقل المطلوب إلى بلد آخر أوصل الطالب كتابه إلى ذلك القاضي ويتنجز به كتابه إلى قاضي البلد الذي انتقل المطلوب إليه ، وجاز للقاضي الثاني أن يكتب به إلى القاضي الثالث .
فإن عاد الطالب إلى القاضي الأول وسأله أن يكتب له إلى القاضي الثالث