الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص220
وإن لم يشهدوا به للمطلوب بعينه ألزمه رده على من كان في يده ، وأخذه بنفقة عوده وضمان نفسه إن تلف .
ولو كان بدل هذا العبد أمة فقد اختلف من قال بهذا ، في إجرائها مجرى العبد :
فمنع أبو يوسف من تسليمها ؛ لأنها ذات فرج ، وربما كانت أم ولد لصاحب اليد ، وجعل هذا الحكم مقصورا على العبد .
وسوى ابن أبي ليلى بين العبد والأمة أن تضم إلى أمين ثقة يحتاط به حذرا من التعرض لإصابتها .
قال الشافعي عند حكاية هذا القول عن ابن أبي ليلى : وهو استحسان ، وليس بقياس .
وأخذ بهذا القول من أصحابنا أبو سعيد الإصطخري مذهبا لنفسه .
ولا يصح تخريجه على مذهب الشافعي ؛ لأنه يترك الاستحسان بالقياس وقد جعله استحسانا .
والقول الثاني : من مذاهب القائلين بجواز الحكم به ، حكاه الشافعي عن بعض الحكام : أن ينادي القاضي على العبد فيمن يزيد ، فإذا انتهى ثمنه ، قال لمدعيه : ادفع ثمنه يكون موضوعا على يد عدل ، وخذ العبد معك ، فإن عينه شهودك حكم به القاضي لك ، وكتب برد الثمن عليك ، وإن لم يعينوه لك ، لزمك رده ، واسترجاع ثمنه .
وهذا القول إن أجاب إليه الطالب جاز العمل عليه ، وإن لم يجب إليه لم يجبر عليه .
والأصح عندي من هذا كله أن يقبل القاضي الثاني الكتاب ، ويحكم بوجوب ما تضمنه ، من العبد الموصوف فيه ، ويخير صاحب اليد في العبد بين ثلاثة أحوال : بين أن يسلمه بالصفة المشهود بها إلى طالبه فينبرم الحكم بها ، وبين أن يمضي بالعبد مع طالبه ، على احتياط من هربه إلى القاضي الأول ، فإن عينه الشهود ، سلمه إلى الطالب بحكمه ، وإن لم يعينه الشهود ، خلى سبيل العبد مع صاحب اليد ، وبين أن يعدل بالطالب إلى دفع القيمة للعبد الموصوف دون العبد الذي في يده . فأي هذه الثلاثة فعل صاحب اليد فقد خرج من حق الطالب وإن امتنع من جميعها ، وقد ثبت استحقاق العبد الموصوف لم يجز أن يسقط شهادة عدول ثبتت بمثلهم الحقوق ، وأخذه القاضي الثاني جبرا بدفع قيمة العبد الموصوف ؛ لأنه قد صار بالاشتباه غير مقدور عليه ؛ فجرى مجرى العبد المغصوب أو الآبق لزم دفع قيمته كذلك ، هذا ولا يجبره على تسليم