پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص218

يمكن ثبوته بغيرها ، وثبوت هذا بالشهادة ممكن ، فلم يحكم فيه بالمكاتبة ، كالشهادة على الشهادة ، لا يحكم بها مع القدرة على شهود الأصل .

والحال الثانية : أن يكون الشهود من البلد الذي فيه الملك ، ولا يريدون العود إليه ، والبينة بتعديلهم فيه ، فيجوز أن يكتب القاضي بشهادتهم عنده إلى قاضي البلد الذي فيه الملك بما شهدوا به ، ليكشف عن عدالتهم ، فإذا صحت عنده حكم بشهادتهم ، فيصير التعديل والحكم مختصا بالقاضي المكتوب إليه ، ويكون كتاب القاضي الأول مقصورا على نقل الشهادة ، ولا وجه لمكاتبة الثاني الأول بالتعديل ليتولى الأول الحكم ؛ لأن الثاني قادر على تنفيذ الحكم فلم يحتج فيه إلى الأول .

والحال الثالثة : أن يكون الشهود من غير البلد الذي فيه الملك ، فيجوز للقاضي بعد سماع شهادتهم أن يكتب إلى قاضي بلدهم ، ويسأله عن عدالتهم ، فإن عرفها كتب بها إلى القاضي الأول ، ليتولى الحكم بشهادتهم ، ويكون الثاني حاكما بعدالتهم .

ولا يجوز أن يقبل كتاب الثاني إلا بشهادة ، لأن كتاب الأول استخبار ، وكتاب الثاني حكم .

وأما الضرب الرابع : وهو أن يكون عينا منقولة في يد المطلوب ، كالعبد والدابة والثوب .

فإذا أحضر الطالب البينة بعد ادعائه في يد المطلوب بغصب أو عارية وحلاه الشهود بحليته ونعتوه باسمه وجنسه وصفته ففي الحكم بشهادتهم على ما ينقل من الأعيان الغائبة قولان :

أحدهما : وهو المنصوص عليه وحكاه الشافعي عن أبي حنيفة ، ومحمد ، واختاره المزني ، أنه لا يجوز الحكم بها فيما ينقل من الأعيان الغائبة حتى يشير الشهود إليها بالتعيين .

وهذا أصح القولين ، وهو المعمول عليه ؛ لأن الصفات تتشابه ، والحلى تتماثل ، فلم يجز الحكم بها مع الاحتمال حتى يزول بالتعيين ويكون الحكم بالشهادة على الأعيان الغائبة مقصورا على ما لا ينقل لتعيينه بحدوده وموضعه دون ما ينقل للإشكال فيه .

والقول الثاني : وحكاه الشافعي ، عن غيره ، وأضافه كثير من أصحابنا إليه ، أنه يجوز الحكم بالشهادة على الأعيان الغائبة ، وإن كانت منقولة كمل يجوز الحكم بها في غير المنقولة ، لما يجب من حفظ الحقوق على أهلها .

وخرج ابن سريج من هذين القولين وجها ثالثا ، فقال : إن كان هذا العبد المدعي في عينه يختص بوصف يندر وجوده في غيره كشامة في موضع من جسده أو إصبع