الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص217
أحدها : أن يكون الحق في ذمة المحكوم عليه .
والثاني : أن يكون في بدنه .
والثالث : أن يكون عينا منقولة في يده .
والرابع : أن يكون عينا منقولة في بلده .
فأما الضرب الأول : وهو أن يكون الحق في ذمته : فيستوفي منه إن أيسر ، وينظر به إن أعسر .
وأما الضرب الثاني : وهو أن يكون الحق على بدنه ، فإن كان لآدمي كالقصاص وحد القذف استوفاه المكتوب إليه .
وقال أبو حنيفة لا يجوز أن تستوفى حدود الأبدان بكتب القضاة وإن كانت من حقوق الآدميين لتغليظها .
وهذا فاسد . من وجهين :
أحدهما : أنها لما لم تسقط بالشبهة صارت كالأموال .
والثاني : أنها لما جازت فيها الشهادة على الشهادة حكم فيها بكتب القضاة .
فأما ما كان من حقوق الله تعالى كحد الزنا ففي جواز استيفائه بكتاب إلى القاضي قولان ، لجواز استيفائه بالشهادة على الشهادة :
أحدهما : يستوفى كحقوق الآدميين .
والقول الثاني : لا يستوفى ؛ لأن حقوق الله تعالى تدرأ بالشبهات .
والضرب الثالث : وهو أن يكون الحق عينا في يده غير منقولة كالضياع والعقار فالحكم على الغائب لا يكون إلا ببينة .
فإن ثبت عنده عدالة شهودها حكم بثبوتها ، وجاز أن يكتب بها إلى قاضي البلد الذي فيه الملك المستحق ، دون قاضي البلد الذي فيه المحكوم عليه إن كان في غيره .
وإن لم تثبت عنده عدالة الشهود وهم غرباء وذكر الطالب أن له بينة بتزكيتهم بقيمها عند قاضي بلدهم فللشهود ثلاثة أحوال :
أحداها : أن يكونوا من أهل البلد الذي فيه الملك وهم على العود إليه ، فلا تسمع شهادتهم وإن سمعها لم يكتب بها ، وقال للطالب اذهب مع شهودك إلى قاضي بلدهم وبلد مالك ليشهدوا عنده بما شهدوا به عندي ، فإن كتب القضاء مختصة بما لا