الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص216
وإن ثبت الاستحقاق بيمين الطالب بعد نكول المطلوب لزم القاضي فيما يكتب به من حكمه أن يذكر ثبوت ذلك عنده بيمين الطالب بعد نكول المطلوب ؛ لأن المطلوب لو أقام بينة قبلت منه .
وإن ثبت الاستحقاق ببينة شهدت به على المطلوب ففي وجوب ذكرها في كتاب القاضي وجهان :
أحدهما : لا يلزمه ذكر البينة ، ويكون فيه مخيرا ، كالإقرار .
والوجه الثاني : يلزمه ذكر الحكم بالبينة ، لأنه قد يجوز أن يعارضها المطلوب ببينة أخرى فيكون بيده وببينته أحق من بينة بغير يد .
والقاضي بالخيار بين أن يسمي شهود البينة أو لا يسميهم إذا وصفهم بالعدالة .
فإن لم يصفهم بها فهل يكون الحكم بهم تعديلا أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : إن ذكره للحكم بشهادتهم تعديل يغني عن ذكر عدالتهم .
والوجه الثاني : أنه لا بد أن يصفهم بالعدالة وبما يجوز به قبول الشهادة لأنه قد يجوز أن يكون حكم بظاهر التوسم والسمت .
فإن كان الغائب وقت الحكم حاضرا ثم غاب فهو حكم على حاضر لحاضر .
وإن كان غائبا عند الحكم عليه نفذ حكمه إن كان يرى جواز القضاء على الغائب ولم ينفذ إن لم يره .
فإن كتب وهو لا يرى القضاء على الغائب بسماع البينة على الغائب ولم يذكر الحكم بها نظر فإن ذكر الشهادة ولم يذكر ثبوت الحق بالشهادة جاز أن يكتب بذلك ويكون القاضي المكتوب إليه هو الحاكم بها ويكون كتاب القاضي كالشهادة على الشهادة .
وإن ذكر ثبوت ذلك عنده بالشهادة ففي كون الثبوت حكما وجهان :
أحدهما : قاله أبو حامد الإسفرايني : يكون حكما ، فعلى هذا لا يجوز أن يكتب به .
والوجه الثاني : وهو أصح عندي ، أنه لا يكون حكما ؛ لأن الحكم هو الإلزام وليس في الثبوت إلزام ، وهو في ثبوت الحق كالإقرار .
فإذا نفذ كتاب القاضي بذلك على ما فصلناه فالحق المحكوم به على أربعة أضرب :