الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص215
والثالث : أن يحكم لحاضر على غائب بحق غائب .
والرابع : أن يحكم لحاضر على غائب بحق حاضر .
فأما القسم الأول : وهو أن يحكم لحاضر على حاضر بحق حاضر فالحق على ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يكون عينا حاضرة فيحكم القاضي بها لمن استحقها إما بإقرار ، أو ببينة ، وينتزعها من يد المحكوم عليه ويسلمها إلى المحكوم له ولا يجوز في مثل هذا أن يكتب به القاضي إلى غيره سواء أقام المحكوم عليه أو هرب .
والضرب الثاني : أن يكون الحق في بدن المحكوم عليه فإن كان مقيما بعد الحكم استوفاه منه ولم يكتب به القاضي إلى غيره .
فإن هرب بعد الحكم عليه وقبل استيفائه منه جاز للقاضي أن يكتب إلى قاضي البلد الذي فيه الهارب بما حكم عليه ، من قصاص أو حد ليستوفيه القاضي المكتوب إليه ، وهذا حكم على حاضر فيجوز أن يكتب به من لا يرى الحكم على غائب .
والضرب الثالث : أن يكون الحق في ذمة المحكوم عليه من الأموال الثابتة في الذمم .
فإن كان المحكوم عليه مقيما استوفاه القاضي منه لمستحقه ولم يكتب به إلى غيره .
وإن هرب قبل استيفاء الحق منه ، فإن كان له مال حاضر استوفاه من ماله ، ولم يكتب به إلى قاض غيره ، وإن لم يكن له مال حاضر جاز أن يكتب بما ثبت عنده من الحق إلى قاضي البلد الذي هرب إليه المحكوم عليه ، ليستوفيه وهو قضاء على حاضر وليس بقضاء على غائب .
وثبوت استحقاقه قد يكون من أحد ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يقر به المطلوب .
والثاني : أن يثبت بيمين الطالب بعد نكول المطلوب .
والثالث : أن يكون ببينة شهدت به للطالب على المطلوب .
فإن ثبت الاستحقاق بإقرار المطلوب كان القاضي فيما يكتب به من حكمه مخيرا بين أن يذكر ثبوت استحقاقه بإقراره أو لا يذكر ؛ لأن المقر لو أقام بينة باستحقاقه لم تقبل منه .