الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص213
إليها داعية في حفظ الحقوق ؛ لأنها قد تبعد عن مستحقيها ويبعد عنها مستحقوها فلم يجد الحكام بدا من مكاتبة بعضهم لبعض بها .
فإذا تقرر هذا فللقاضي أن يكتب إلى غيره من القضاة بما وجب عنده من حكم ، أو ثبت عنده من حق ، ويكتب به إلى من هو أعلى منه ، وأدنى ، وإلى خليفته ، ومستخلفه .
ويكون المقصود به أمرين :
أحدهما : أن يثبت بها عند الثاني ما ثبت عند الأول .
والثاني : أن يقوم في تنفيذها واستيفائها مقام الأول .
وإذا كان كذلك فلوجوب قبولها ثلاثة شروط :
أحدها : أن يكون الثاني عالما بصحة ولاية الأول ، فإن لم يعلم بصحة ولايته لم يلزمه قبول كتابه .
والشرط الثاني : أن يكون عالما بصحة أحكامه ، وكمال عدالته ، فإن لم يعلم لم يلزمه قبول كتابه .
والشرط الثالث : أن يعلم صحة كتابه فيما تضمنه من أحكام :
واختلف فيما يعلم به صحة كتابه .
فمذهب الشافعي وأبو حنيفة وأكثر الفقهاء إلى أنه لا يجوز أن يقبله القاضي المكتوب إليه إلا أن يشهد به شاهدان على ما سنصفه .
وذهب قضاة البصرة : الحسن ، وسوار بن عبد الله ، وعبيد الله بن الحسن العنبري ، وهو قول أبي يوسف ، وأبي ثور وإسحاق بن راهويه وأبي عبيد القاسم بن سلام وهو إحدى الروايتين عن مالك ومال إليه من أصحاب الشافعي أبو سعيد الإصطخري ، أنه إذا عرف القاضي المكتوب إليه خط القاضي الكاتب وختمه واتصلت بمثله كتبه جاز أن يقبله ، ويعمل بما تضمنه ، احتجاجا بأمرين :
أحدهما : أن كتب رسول الله ( ص ) قد كانت مقبولة ، يعمل بما فيها من غير شهادة .
والثاني : أن عرف الحكام بقبولها مستفيض ، لتعذر الشهادة بها ، وسكون النفس إلى صحتها .